ترجمة خطبة الجمعة في تركيا الى اللغة العربية اليوم 30.09.2022 تحت عنوان دَعْوَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ترجمة خطبة الجمعة في تركيا الى اللغة العربية اليوم 30.09.2022 تحت عنوان دَعْوَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْكِرَامُ!
إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ وَجَمَّلَهُ بِنِعَمٍ لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى. وَسَخَّرَ الْكَائِنَاتِ لِخِدْمَتِهِ. وَخَاطَبَهُ بِالْوَحْيِ. وَبَعَثَ فِيهِمْ الْأَنْبِيَاءَ كَمَوْجَةٍ مِنْ تَجَلِّيَاتِ رَحْمَتِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
إِنَّ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ دَعَوْا بَنِي الْبَشَرَ إِلَى الْحَقِّ وَالْحَقِيقَةِ وَإِلَى الْخَلَاصِ الْأَبَدِيِّ. وَهَذِهِ الدَّعْوَةُ هِيَ الدَّعْوَةُ الْمُشْتَرَكَةُ لِلْحَقِيقَةِ الْإِلَهِيَّةِ الَّتِي جَاءَ بِهَا جَمِيعُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ. وَهَذِهِ الدَّعْوَةُ هِيَ دَعْوَةُ تَكْرِيمِ بَنِي الْبَشَرِ الَّذِينَ خَلَقَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى كَأَشْرَفِ الْمَخْلُوقَاتِ. وَهَذِهِ الدَّعْوَةُ هِيَ دَعْوَةُ التَّوْحِيدِ الَّتِي تُنْقِذُ الْإِنْسَانَ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلْعَبْدِ وَتَقُودُهُ إِلَى الْحُرِّيَّةِ الْحَقِيقِيَّةِ. وَهَذِهِ الدَّعْوَةُ هِيَ دَعْوَةُ الْحَضَارَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ الَّتِي يَسُودُ بِهَا الْعِلْمُ وَالْحِكْمَةُ وَالْمَعْرِفَةُ وَالْعَدْلُ. فَمَنْ يَسْمَعُ لِهَذِهِ الدَّعْوَةِ يَرْتَفِعُ. وَمَنْ يَسْتَجِيبُ لِهَذِهِ الدَّعْوَةِ يَنَالُ الْخَلَاصَ.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَعِزَّاءُ!
يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ: “وَمَنْ اَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَٓا اِلَى اللّٰهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ اِنَّن۪ي مِنَ الْمُسْلِم۪ينَ.”[1]
وَالنَّبِيُّ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ خَاتَمُ مُرْسِلِي هَذِهِ الدَّعْوَةِ الْإِلَهِيَّةِ وَخَيْرُ مُمَثِّلِيهَا. وَكَانَتْ دَعْوَتُهُ دَعْوَةً إِلَى الْإِيمَانِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ فَقَدْ قَالَ:”إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ.”[2]وَأَعْظَمُ وَاجِبٍ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يُصْغِيَ لِدَعْوَتِهِ،وأَنْ يَتَخَلَّقَ بِخُلْقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْأَفَاضِلُ!
إِنَّ دَعْوَتَهُهِيَ دَعْوَةٌ لِلْعِبَادَةِ وَالنَّجَاةِ. حَيْثُ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: “يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱرْكَعُواْ وَٱسْجُدُواْ وَٱعْبُدُواْ رَبَّكُمْ وَٱفْعَلُواْٱلْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”.[3]فَسَبِيلُ الْخَلَاصِ هُوَ الْإِصْغَاءُ لِهَذِهِ الدَّعْوَةِ. وَسَبِيلُ الْخَلَاصِ هُوَ عِبَادَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَالسُّجُودُ لَهُ وَالْقِيَامُ بِالْأَعْمَالِ اَلصَّالِحَةِ. وَلَا يُمْكِنُ الشُّعُورُ بِالسِّكِّينَةِ وَالسَّلَامِ دُونَ الْإِصْغَاءِ لِهَذِهِ الدَّعْوَةِ اَلْمُرْتَفِعَةِ مِنَ الْمَعَابِدِ، وَدُونَ الْوُقُوفِ بِاطْمِئْنَانٍ فِي الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ. وَلَا يُمْكِنُ نَيْلُ رِضَا الْخَالِقِ جَلَّ وَعَلَا دُونَ الْاِلْتِزَامِ بِأَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ، وَدُونَ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَدُونَ جَعْلِ اللِّسَانِ دَائِمَ الذِّكْرِ بِهِ.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَفَاضِلُ!
إِنَّ دَعْوَتَهُ هِيَ دَعْوَةٌإِلَى الْبَرِّ وَالتَّقْوَى. حَيْثُ يَقُولُ رَبُّ الْعِزَّةِ جَلَّ وَعَلَا: “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوٰىۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْاِثْمِ وَالْعُدْوَانِۖ”.[4] فَالْإِسْلَامُ هُوَ الْبِرُّ. لِذَا يَجِبُ عَلَيْنَا فِعْلُ الْخَيْرِ، وَيَجِبُ عَلَيْنَا إِتْقَانُ الْعَمَلِ الَّذِي نَقُومُ بِهِ. وَيَجِبُ أَنْ نَجْتَمِعَ لِلْخَيْرِ وَأَنْ نَتَعَاوَنَ مِنْ أَجْلِ الْخَيْرِ وَأَنْ نَكُونَ مَعَ الصَّالِحِينَ. فَالصَّالِحونَ هُمْ فَقَطْ مَنْ يَصِلُونَ لِلتَّقْوَى، وَالصَّالِحونَ فَقَطْ مَنْ سَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ الَّتِي هِيَ مَوْطِنُ الْأَبْرَارِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْأَعِزَّاءُ!
إِنَّ دَعْوَتَهُ هِيَ دَعْوَةٌ لِلْوَحْدَةِ وَالْأُخُوَّةِ. حَيْثُ يَقُولُ الْمَوْلَى جَلَّ جَلَالُهُ: “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّٰهِ جَم۪يعاً وَلَا تَفَرَّقُواۖ”.[5] فَرَبُّنَا الَّذِي خَلَقَنَا مِنْ أَبٍ وَاحِدٍ وَخَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ، وَحَّدَ قُلُوبَنَا بِنَفْسِ الْعَقِيدَةِ وَوَحَّدَ أَبْدَانَنَا بِنَفْسِ الصَّفِّ. فَلْنُصْغِي لِهَذِهِ الدَّعْوَةِ الَّتِي تَدُلُّنَا عَلَى سَبِيلِ الْخَلَاصِ فِي الدَّارَيْنِ. وَلْنَبْحَثْ عَنِ الْعِزَّةِ بِالسُّجُودِ وَلْنَبْحَثْ عَنِ الشَّرَفِ وَالْكَرَامَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَقَطْ. وَلْنَتَذَكَّرْ دَائِمًا وَأَبَدًا أَنَّ الْخَلَاصَ بِالْإِيمَانِ وَأَنَّ السَّلَامَ بِالْإِسْلَامِ وَأَنَّ الْحَيَاةَ الْكَرِيمَةَ بِالْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَفَاضِلُ!
سَيَتِمُّ بِالْفَتْرَةِ مَا بَيْنَ 1 – 15 تِشْرِينَ الْأَوَّلَ دَمْجَ أُسْبُوعِ الْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ وَأُسْبُوعِ الْمَسَاجِدِ وَالْمُوَظَّفِينَ الدِّينِيِّينَ وَالِاحْتِفَالِ بِهِمَا مَعًا. وَقَدْ حَدَّدَتْ رِئَاسَةَ الشُّؤُونِ الدِّينِيَّةِ مَوْضُوعَ هَذَا الْعَامِ عَلَى أَنَّهُ “نَبِيُّنَا، اَلْمَسْجِدُ وَالْإِرْشَادُ”. وَمِنْ خِلَالِ الْأَنْشِطَةِ الَّتِي سَيَتِمُّ تَقْدِيمُهَا سَنُحَاوِلُ التَّعَرُّفَ عَلَى نَبِيِّنَا وَفَهْمَهُ بِشَكْلٍ أَفْضَلَ، وَسَنُحَاوِلُ وَبِشَكْلٍ خَاصٍّ أَنْ نَتَذَكَّرَ طَرِيقَتَهُ فِي الْإِرْشَادِ وَالتَّبْلِيغِ وَالدَّعْوَةِ وَكَيْفِيَةَ تَطْبِيقِهَا فِي حَيَاتِنَا. وَبِالْإِضَافَةِ إِلَى ذَلِكَ سَوْفَ نَتَطَرَّقُ إِلَى مَكَانَةِ وَأَهَمِّيَّةِ الْمَسَاجِدِ فِي حَضَارَتِنَا، وَسَوْفَ نُحْيِي بِكُلِّ عِزَّةِ وَفَخْرِ أَسَاتِذَتِنَا وَمُعَلِّمِينَا الَّذِينَ سَاهَمُوا فِي الْخَدَمَاتِ الدِّينِيَّةِ، وَسَنَسْتَذْكِرُ التَّضْحِيَات الَّتِي قَدَّمَتْهَا أُمَّتُنَا الْفَاضِلَةُ فِي سَبِيلِ إِحْيَاءِ مَسَاجِدِنَا وَدَوْرِ تَحْفِيظِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ.
وَبِهَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ، أَدْعُو اللَّهُ تَعَالَى أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْأَسَابِيعِ وَسِيلَةَ خَيْرٍ لِأُمَّتِنَا الْحَبِيبَةِ وَلِلْعَالَمِ الْإِسْلَامِيِّ. وَأَسْأَلُهُ تَعَالَى أَنْ يُنَزِّلَ رَحْمَتَهُ عَلَى مَنْ رَحَلَ مِنْ مُوَظَّفِينَا الدِّينِيِّينَ وَجَمَاعَتِنَا اَلَّذِينَ أَنْشَئُوا وَأَعَادُوا بِنَاءَ وَإِحْيَاءَ مَسَاجِدِنَا عَلَى مرِّ الزَّمَانِ، وَأَسْأَلُهُ أَنْ يَمُنَّ بِالصِّحَّةِ وَالسَّلَامِ وَالْعَافِيَةِ عَلَى الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ. وَإِنِّي أَدْعُوكُمْ إِخْوَتِي الْكِرَام، لِلْمُشَارَكَةِ فِي جَمِيعِ الْأَنْشِطَةِ الَّتِي سَنَقُومُ بِهَا.
[1]سُورَةُ فُصِّلَتْ، 41/33.
[2]اِبْنْ حَنْبَلْ، الْجُزْءُ الثَّانِي، 381.
[3]سُورَةُ الْحَجِّ، 22/77.
[4]سُورَةُ الْمَائِدَةِ، 5/2.
[5]سُورَةُ اٰلِ عِمْرٰنَ، 3/103.
اَلْمُدِيرِيَّةُ العَامَّةُ لِلْخَدَمَاتِ الدِّينِيَّةِ