ماذا وراء التحركات العسكرية التركية قرب إدلب؟
ماذا وراء التحركات العسكرية التركية قرب إدلب؟
كان لافتاً عقد اجتماع عسكري تركي رفيع المستوى على الحدود مع سوريا اليوم السبت وتناول ملف إدلب الذي يعود للواجهة ويزداد سخونة مع فرض “هيئة تحرير الشام” نفسها على المزيد من المساحات والطرق الهامة في إدلب وإقصائها للمزيد من الفصائل.
وقد بدأت روسيا ترفع من نبرتها تجاه الشمال السوري وسط تخوُّف من إمكانية استخدامها لملف “اﻹرهاب” كذريعة من أجل مهاجمة المنطقة وبرزت هنا تساؤلات عديدة عن الموقف التركي.
وزير الخارجية التركي “مولود جاويش أوغلو” أكد أمس أن ما أسماها “الجماعات الراديكالية” تهاجم “المعارضة السورية” في إدلب، موضحاً أن بلاده اتخذت من جانبها خطوات ضرورية لوقف هجماتها.
وجاءت تصريحات الوزير التركي بعد تمكن الهيئة من إخراج الجبهة الوطنية لتحرير سوريا من مناطق إستراتيجية في ريفَيْ حماة وحلب وإجبار مقاتليها على التوجه نحو منطقة عفرين.
[ads1]
وبدأ اﻹعلام الروسي يستغل تلك اﻷنباء ليتحدث عن تحويل إدلب إلى “إمارة للقاعدة” وعن طبيعة اتفاق سوتشي المؤقتة وأن الروس لن يقبلوا بالسماح بتحويل الشمال “ملاذاً للإرهابيين”.
من جهته أكد “جاويش أوغلو” رغم كل تلك التطورات أن اتفاق “سوتشي” حول إدلب يجري بدون مشاكل حتى اليوم متمنياً أن لا يحصل خلاف في المستقبل ومعلناً اقتراب عقد قمة ثلاثية بروسيا تجمع رؤساء الدول الضامنة في “أستانا”.
ملف إدلب على الطاولة في اجتماع “حاسم” ورفيع المستوى
وصفت وسائل إعلام تركية الاجتماع الذي عُقد اليوم بـ”الحاسم” حيث ضمّ قادة ومسؤولين كباراً بالجيش التركي هم وزير الدفاع التركي “خلوصي أكار” ورئيس الأركان “يشار غولر”، وقائد القوات البرية “أوميت دوندار”، ورئيس الاستخبارات “حاقان فيدان”.
ويأتي ذلك فيما تواصل القوات التركية حشد قواتها الخاصة على الحدود مقابل إدلب حيث وصلت أمس واليوم دفعات جديدة، كما يستمر إرسال التعزيزات نحو الحدود بشكل عامّ.
وأجرى الجيش التركي اليوم السبت مناورات بالطرف المقابل لمدينة جسر الشغور غرب إدلب، بالتزامن مع تحليق مكثف لطائرات استطلاع من طراز “بيرق”، حيث أجرت الطائرات مسحاً شاملاً للمنطقة الممتدة بين أريحا وجسر الشغور.
ويرى مراقبون للشأن السوري أن تركيا قد تكون مدفوعة إلى قيادة العمليات العسكرية ضدّ تمدُّد “هيئة تحرير الشام” في إدلب بنفسها عن طريق دعم الجيش الوطني السوري وما تبقى من كتل الجبهة الوطنية للتحرير وذلك لتجنيب المحافظة أي هجوم روسي.
وبالتزامن مع تلك التطورات وصلت تعزيزات عسكرية تابعة للجيش التركي اليوم السبت إلى نقطة المراقبة إشتبرق” بريف إدلب الغربي، بالتزامن مع تحرك رتل عسكري تركي من منطقة جنديرس بريف عفرين وتوقفه بالقرب من بلدة الغزاوية المحاذية لمنطقة “دير سمعان”.
[ads5]
هل تستطيع تركيا التحرك منفردة؟
يؤكد المسؤولون اﻷتراك دائماً فيما يخص إدلب على التنسيق المستمر مع الروس باعتبارهم طرفاً فاعلاً في الملف، وهو ما أشارت إليه المعلومات الراشحة عن اجتماع العسكريين اﻷتراك اليوم.
وقال وزير الدفاع خلوصي أكار في هذا الصدد: “نبذل كل الجهود من أجل استمرار وقف إطلاق النار والاستقرار بإدلب في إطار تفاهم سوتشي، وتعاوننا الوثيق مستمر مع روسيا بهذا الصدد”.
وتتحكم روسيا بدرجة أساسية في أجواء الشمال السوري ما يعني أن أي عمليات جوية قد تضطر إليها تركيا – فيما لو تطورت اﻷمور إلى تلك الدرجة – ستحتاج إلى تنسيق مشترك مع الروس.
خلاصة القول: يبدو أن التحشيدات التركية على حدود محافظة إدلب من الجهة الغربية، والاجتماع الطارئ الذي جرى في ولاية هاتاي الحدودية جاءت كرد فعل على الأحداث التي شهدها الشمال السوري وتوسع “هيئة تحرير الشام” بشكل كبير، وتأتي في سياق الاستعداد لمواجهة كل السيناريوهات الممكنة بما فيها شن روسيا والنظام السوري لعمليات عسكرية واسعة أو محدودة، وسيكون علينا الانتظار للمزيد من الوقت حتى اتضاح المشهد في شرق الفرات الذي يشغل كلاً من تركيا وروسيا بالوقت الحالي.