المسيحيون الأتراك.. أصولهم ومذاهبهم الدينية
المسيحيون الأتراك.. أصولهم ومذاهبهم الدينية
مسيحيو تركيا تلك الاثنية الغريبة والمحيرة، كما وصفها السير مارك سايكس، يتمركز معظمهم في ماردين ومحيطها مع القليل منهم في بتليس، وتتوزع دماءهم بين العرب، واليونان، والروم، والاحباش، والفرس وغيرهم .وتتوزع ألسنتهم على العربية القديمة، والسريانية الدينية لغة الكتاب “المقدس”، والأرمنية والكردية. ويتبعون كنائس مختلفة، كالسريانية، والكاثوليكية، والبروتستانتية، وينتشر معظمهم في منطقة ماردين ومحيطها وتحديدا في اقضية مدياث والصور وبتليس.
المسيحيون الأتراك.. أصولهم ومذاهبهم الدينية
ولهم من الأسماء واللغات كثيراً ما يستدل من خلالها على خلفيتهم العرقية، فهناك من يحمل منهم اسماء أرمنية مثل: “كره بيت، كربيس، وانيس، سيروب، لوسين، زيفارت” ويعيش معظم هؤلاء في وان وموش التابعة لقضاء “بتليس” شرق الأناضول وهناك من يحمل من هؤلاء المسيحيين اسماءً عربية مثل : “عبدالله، نعيمة، جميل، حبيب، أبو الخير، أبو الفرج” وما سواها. والبعض الآخر منهم يحمل اسماءً مسيحية دينية، مثل : “توما، وقرياقس، وانطانيوس، وجرجس وميكايل وبطرس.
ويتكلمون لغات شتى فأكثرهم يتكلم العربية البدائية القديمة والتي تعرف باللهجة الماردينية أو المحلمية، وهؤلاء يعدون أنفسهم عرباً كما جاء في “الإرث الأخير للخليفة” لمارك سايكس، ومعظم هؤلاء هم من بقايا قبائل عربية عريقة كانت قد سكنت المنطقة منذ ما قبل الاسلام، مثل:(تغلب وشيبان وإياد وبكر، وطي وغيرهم) يخالطهم البعض ممن استعرب من النصارى الآخرين.
وينتشر هؤلاء في مدن وبلدات مثل : ماردين، كفر توثة، قرتمين، أستل، الصور، معسرته، قلت، بافاوار، آزخ، قلعة مرا (قلعة مرّة)، المنصورية، بنابيل، القصور، والوادي (أسفس). ولهم بيع وأديرة قديمة لاتزال تحتفظ باسماءها العربية إلى اليوم، مثل: “دير الجب البراني” في قرتمين (قرية الثمانين)، و”الديرالقائم” في قلث، و”دير مار يعقوب الحبيس” قرب سليًح و”دير مار يوحنا الطائي” قرب نصيبين و”دير مار دودو السدوسي” (الشيباني) قرب آزخ و”دير مار شمعون الزيتوني” في حبس ناس، و”دير قوبة” قرب دفنة،و”دير الزعفران” قرب ماردين و”دير العمر” بين مدياد وقرتمين وهذان الأخيران قامت الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في مطلع القرن العشرين بتغيير اسميهما من “دير الزعفران” إلى “دير ماركبرئيل” ومن “دير العمر” إلى “دير مار حنانيا”، وهناك غيرها الكثير من الأديرة الأخرى.
ومن هؤلاء السريان كان القس ا”غناطيوس أفرام الأول برصوم” بطريرك السريان الأرثوذكس والذي عرف”بمطران العرب”. وفيهم من هم من بقايا المبشرين والسياح النصارى الذين كانوا يتقاطرون الى المنطقة في بداية المسيحية لنشرها هناك، وكانوا من ديار مختلفة، وأماكن شتى، فكان منهم: المصري، والحبشي، والفلسطيني، والانطاكي، واليوناني، استقر معظمهم في هذه المناطق أمثال: “مار اوجين المصري، ومار اشعيا الحلبي، ومار يارث الاسكندري، ومار كربيل القسطيني، ومار اوتيل المجدلي، ومار يعقوب المصري”، والبعض الآخر من أحفاد رجال الدين النصارى الذين كان الفرس يأسرونهم ويأتون بهم إلى المنطقة لأجل شق الكنيسة السريانية وفلقها، وجلهم يحملون أسماء: سريانية، ورومانية، ويونانية، مثل: ادى، آحا، دنحا، شابا، اشعيا، اسطيفانوس، قورياقس، فيليب، تيودورا، رومنوس، جرجيوس.
وينتشرون في المناطق الجبلية، وفي قرىً، مثل: “حاح، اربو، مزيزخ ، كفرزي، باسبرين، باقسيان، بني كلب، بادبة، انحل، عين وردا، ،وكفرو عليتو”، ولازال الكثيرون من هؤلاء الاحفاد يتكلمون إلى اليوم اللغة الكنسية السريانية الطورية المعروفة بـ (الطوخلركي)، وهي مزيج من الآرامية، والعبرية، والعربية، والحبشية .ومن هؤلاء النصارى من يتكلم الكردية أيضاً، ويعيشون في قرىً مثل: “كفر به، سليح، عرناس، كربوران، ياردو” وأغلب الظن أنهم من النصارى الأكراد، وممن خالطهم من النصارى الآخرين من رجال الدين وغيرهم وعاشوا بينهم.
و بعد انهيار الدولة العثمانية، نزح هؤلاء المسيحيون إلى الجزيرة السورية، وتوزعوا في مناطق: “ديريك، وقبور البيض، والقامشلي، وتل علو التابعة (لليعربية)، وقلاعة الهادي، وسليمان ساري، وحداد، وقصروك، وبيلونة، وأم كيف، وفطومة، وكبيبة، وفي غيرها من المناطق، فآوتهم القبائل العربية المتواجدة هناك، ومنحتهم الأمن والأمان، وتكرمت عليهم الدولة السورية آنذاك بالهوية السورية، وملكتهم الآراضي الزراعية بعد اصدار القانون الزراعي، وباتوا مواطنين من الدرجة الأولى لهم من الحقوق ما ليس لغيرهم من العرب والمسلمين.
عبد القادر عثمان – باحث …… لــ تركيا عاجل