صواريخ تركية تقلب الموازين في الشمال السوري
صواريخ تركية تقلب الموازين في الشمال السوري
تناول تحليل لوكالة رويترز التطورات الأخيرة في الساحة السورية، في ظل الحملة التي يشنها نظام الأسد بدعم من روسيا، منذ أسابيع على إدلب ومحيطها، دون تحقيق أي تقدم أمام صمود الفصائل المعارضة التي حصلت على دعم عسكري ملموس من تركيا.
وقالت رويترز إن هجوم النظام شمال غرب سوريا يواجه ضربات مضادة مؤلمة من المعارضة “مما يؤكد إصرار تركيا على إبقاء هذه المنطقة بعيدة عن قبضة الأسد الذي سيكون عليه خوض المزيد من المعارك لاستعادة ما بقي من الأراضي السورية بالقوة”.
وبعد مرور ما يزيد على شهرين على بدء عمليات بدعم روسي في محافظة إدلب وفي محيطها، لم يحصد الأسد مكاسب تذكر، ويمثل ذلك حالة نادرة لحملة عسكرية لا تسير وفق هوى الأسد منذ تدخلت روسيا في الحرب عام 2015. بحسب رويترز.
وأضافت الوكالة أنه في الوقت الذي تصدى فيه مقاتلو المعارضة لهجمات القوات الحكومية، فقد نجحوا أيضا في إحراز القليل من التقدم في بعض المناطق، اعتمادا على مخزونات وفيرة من الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات قالت مصادر في المعارضة ومصادر دبلوماسية إن تركيا أمدتهم بها.
وقال مصدر في المعارضة طلب عدم نشر اسمه، لكونه يتحدث عن القدرات العسكرية للمعارضة، “يستهدفوا حتى الأشخاص بصواريخ… يبدو في فائض عندهم.. أعداد كافية. يستهدفوا أفراد بهاي الصواريخ معناها مرتاحين حتى يبلشوا”.
ومع التزام تركيا بدعم المعارضة، تقف المعركة في شمال غرب سوريا على النقيض تماما من حملة جنوب غرب البلاد قبل عام حينما لم تحرك دول غربية وعربية ساكنا في الوقت الذي نجح فيه الأسد وحلفاؤه بدعم روسي وإيراني في استعادة المنطقة.
ورغم الدعم الروسي في المعركة الأحدث، تدور تساؤلات حول ما إذا كان الأسد وحلفاؤه على وفاق تام فيما يتعلق بالمعركة في شمال غرب البلاد حيث نشرت تركيا قوات بالاتفاق مع روسيا وإيران.
وبدت موسكو حريصة على الحفاظ على علاقاتها مع أنقرة حتى مع شن سلاح الجو الروسي ضربات دعما للأسد. وتقول تركيا إن روسيا تدخلت لوقف هجمات على القوات التركية جرى شنها من منطقة تسيطر عليها دمشق.
وفي هذا التوقيت لا يبدو أن هناك دورا كبيرا للقوات الشيعية المدعومة من إيران والتي ساندت الأسد حتى انتصر في أنحاء من سوريا لها أهمية أكبر بالنسبة لإيران، بما في ذلك منطقة قرب العراق ولبنان وإسرائيل.
ولا تزال السيطرة على جنوب غرب البلاد قبل عام آخر انتصارات الأسد الكبرى. وتخبو آمال تحقيق مزيد من التقدم، ليس فقط بسبب المصالح التركية في شمال غرب سوريا بل بسبب وجود القوات الأمريكية في شرق البلاد وشمالها الشرقي أيضا.
وقال دبلوماسي غربي طلب عدم نشر اسمه، حتى يستطيع الكشف عن تقييمه، “يمكننا أن نرى خطوط الجبهة وهي تشتد وتبقى على هذا الوضع لبعض الوقت، بينما لا توجد رغبة أو مقدرة على اختراق تلك الخطوط من جانب النظام أو حلفائه”.
وقال العقيد مصطفى بكور، القيادي في جماعة جيش العزة المعارضة، إن التنسيق بين مقاتلي المعارضة يمثل عنصرا رئيسيا في إحباط هجمات القوات الحكومية.
وأضاف “بالنسبة لسير المعارك، أتوقع استمرارها لفترة كونها تعتبر معركة كسر عظم للطرفين”.
ورغم عدم إعلان النظام السوري لأهداف الحملة، تعتقد مصادر في المعارضة أن الهدف كان السيطرة على طريقين سريعين يمران عبر منطقة تسيطر عليها المعارضة.
وتحرك نحو 300 ألف شخص، هربا من القصف، تجاه الحدود مع تركيا منذ أبريل/نيسان، مما دفع الأمم المتحدة للتحذير من أن إدلب صارت على شفا “كابوس إنساني”.
وبالنسبة لتركيا، آخر دولة كبرى تدعم المعارضة السورية، فإن تجنب تدفق آخر كبير للاجئين السوريين إليها يشكل أهمية قصوى. وتستضيف تركيا حاليا 3.5 مليون لاجئ سوري.
وبينما تتهم تركيا الحكومة السورية باستهداف المدنيين ونقاط المراقبة العسكرية في منطقة إدلب، فإنها أحجمت عن تحميل روسيا مسؤولية ذلك وقالت إنها ستواصل التعاون مع موسكو بشأن شمال غرب سوريا.
وقالت وزارة الخارجية التركية “جرى توصيل الرسائل الضرورية لمسؤولين روس لوقف الهجمات على نقاط المراقبة التابعة لنا وعلى المدنيين” في منطقة إدلب.
وقال متعاقد خاص مع الجيش الروسي، يعمل قرب محافظة إدلب، إن مقاتلي المعارضة هناك محترفون بدرجة أكبر وتحركهم حوافز أكثر مقارنة بأعدائهم وإن القوات الموالية للحكومة لن تستطيع تحقيق النصر في معركة إدلب إذا لم تساعدهم موسكو ميدانيا.
وقال دبلوماسي غربي ثان إن الحكومة مُنيت بخسائر بشرية فادحة في مقابل تحقيق القليل من المكاسب وهو أمر “محرج للغاية”. وأضاف “تركيا تحاول إخبارهم بأنه لا يمكنكم أخذها عسكريا.. عليكم التفاوض”.
ووصف مصدر في المنطقة مقرب من دمشق التصعيد منذ أبريل/نيسان بأنه مواجهة محدودة، قائلا إن علاقات روسيا مع تركيا هي الكابح الرئيسي لأي هجوم شامل للسيطرة على شمال غرب البلاد.
وأضاف “طبعا عنده رغبة باستعادتها بالقوة لكن لا يستطيع… بلا الروسي لا يستطيع لأن هؤلاء أعدادهم كبيرة وروسيا تماما متمسكة بالأتراك”.
وتابع قائلا “التوقعات لإدلب أن يبقى الوضع على هو عليه، على مدى زمني طويل”.