الأسد يعد بدفن الثورة السورية في إدلب وإعلامه يتحدث عن معركة إدلب الكبرى .. إليكم التفاصيل
الأسد يعد بدفن الثورة السورية في إدلب وإعلامه يتحدث عن معركة إدلب الكبرى .. إليكم التفاصيل
سارعت وسائل إعلامٍ موالية، للحديث عن “معركة إدلب الكبرى”، واعتبرتها قاب قوسين أو أدنى، ضمن مسار “ضرب المعنويات” في مناطق المعارضة.
ويبدو أنّ حملة التصعيد اﻷخيرة من طرف نظام اﻷسد المدعومة بغطاء جوي روسي، تؤكد مزيدا من الرغبة في تقديم التنازﻻت من طرف الفصائل المعارضة، وتعزيز مبدأ “الخطوة خطوة” في قضم المنطقة، الذي تحدث عنه المسؤولون الروس في وقتٍ سابق.
تنفيذ سوتشي
ميدانيا، اتفاق سوتشي يسير وفق مساره المرسوم، لمنطقة “خفض التصعيد الرابعة”، والتي رسمت خريطة حدود مسبقة لن يتم تجاوزها، وتحديدا بين اﻷطراف اﻷساسية اللاعبة والمتحكمة فعليا بالقرار (روسيا، إيران، تركيا).
ومن الواضح أنّ صياغة “دايتون” جديد على غرار (البوسنة والهرسك)، بدأ تنفيذه، عبر مزيد من الضغط في إفشال بعض اﻷطراف المتحكمة بالقرار في إدلب، بغض النظر عن مشربها الفكري، وإيديولوجيتها، وهذا الضغط غير المعلن يمر عبر تحريض الناس، والزج بهم في مقارنة غير منطقية، إﻻ أنها تدفع باتجاه أمرين:
– اﻻرتماء في الحضن التركي، أو اختيار حضن اﻷسد، وكلاهما خياران أحلاهما مرّ.
وبالمجمل، يبدو الشارع مقتنعا بدور “تركي” أكثر نضجا وتحملا للمسؤولية، بدليل المظاهرات المطالبة للحكومة التركية، بتنفيذ “مخرجات أستانا”، وتفعيل دورها.
من جانبٍ آخر، تسعى أنقرة للحصول على الشرعية، من الشارع، إﻻ أنها لا تزال تسير وفق خطوات ضعيفة، تثير الريبة لدى الناس، وربما تشكك في مصداقيتها، وشراكتها مع الروس!
وينص اتفاق سوتشي الموقّع بين الرئيسين، التركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، في 4 أيار/مايو 2017 على بناء منطقة منزوعة السلاح بعمق 15 – 20 كيلومترا، والقضاء على الجماعات التي وصفها بيان الاتفاق بـ”الرديكالية”، إضافة لسحب فصائل المعارضة جميع الدبابات وقاذفات الصواريخ المتعددة والمدفعية ومدافع الهاون.
مقابل أن تقوم دوريات مشتركة روسية-تركية بالسير على امتداد حدود المنطقة منزوعة السلاح، والعمل على ضمان حرية حركة السكان المحليين والبضائع، واستعادة الصلات التجارية والاقتصادية.
والنقطة اﻷبرز والتي يجب التنويه إليها من اﻻتفاق وهي ما يتم العمل عليها في هذه المرحلة، يتعلق أساسا بإنعاش النظام اقتصاديا، ﻹعادة تعويمه، بعد أن بدت بنيته السياسية والاقتصادية منهارة تماما، وتتمثل هذه النقطة بالتالي:
أن ينتهي اﻻتفاق في نهاية المطاف إلى استعادة طرق نقل الترانزيت عبر الطريقين، إم 4 (حلب-اللاذقية)، وإم 5 (حلب-حماة).
خلف الكواليس
بالمختصر؛ الهدف اﻷساس خلف التصعيد اﻷخير، ليس مجرد قضم مناطق، إذ إنها لن تبدل من أمر “مكاسب النظام أو تعزز مكانته السياسية”، ﻻ سيما وهو يواجه انهيارا اقتصاديا، بالتالي، غير قادر على تحمل عبء “المدنيين” الجدد، إن جاز المسمى، لكن المؤشرات تؤكد أنّ استئناف العمليات القتالية في إدلب، يرمي لدفع أنقرة والفصائل المعارضة “المحسوبة عليها وغيرها” إلى تقديم تنازلات عسكرية أو سياسية في إطار تطبيق اتفاق سوتشي (2018).
وبعبارةٍ أكثر دقة، فتح الطرق الدولي والمعابر الحدودية وكذلك الاستمرار في تقويض خيارات المعارضة سياسيا وعسكريا. وهذا ما أشار إليه مركز “جسور للدراسات” المعارض، في تقريرٍ له.
واستنادا إلى ذات الدراسة؛ فإنه “بات واضحا لجوء الروس إلى السبل العسكرية لفرض أهدافها بعد إخفاق أو عدم جدوى وبطء السبل الدبلوماسية في ذلك، لا سيما وأنّها مستعجلة لتحويل الانتصارات العسكرية التي حققتها منذ عام 2017 إلى إنجاز ونجاح سياسي”.
بازار سياسي
إﻻ أنّ ما تخفيه الكواليس، يرجح وجود “بازار سياسي”؛ فالغالب على مثل تلك الحملات، أنها نتاج خلافات اقتسام الموارد التي تطفو على السطح، بين بعض اﻷطراف الفاعلة في الملف، أو اﻷطراف الدولية واﻹقليمية، ويتم التعامل معها بالخطوط الدبلوماسية والعسكرية، وفق المقتضى أو حتى تعنت أحد اﻷطراف، وﻻسيما وقد برز مؤخرا ملف “شرقي الفرات”، وامتيازاته الاقتصادية، التي تدفع للاستحواذ عليها، “النفط والقطن والحبوب”.
سيناريو ريف حماة
ثمة أيضا شبه إجماع شعبي، وفق المصدر، أنّ مساعي النظام ترمي لتكرار سيناريو ريف حماة الشمالي، الذي تقدم إليه قبل عدة أشهر، وعبر سلسلة قصف ممنهج، سيتم تفريغ هذه المناطق الجديدة من سكانها، ومن ثم قيام الروس بعملية قضم لكامل المنطقة العازلة التي تحيط بإدلب من ثلاث جهات، وفق مصدر عسكري معارض، فضل عدم ذكر اسمه.
تقليص الجيب الثوري
والراجح أنّ النظام وحليفه الروسي، يسعيان في هذه المرحلة، لتقلص الجيب الخاضع لسيطرة المعارضة، وبالتالي؛ فإنّ مصير أكثر من 3 مليون نسمة، سينتهي إلى حشرهم في رقعة جغرافية صغيرة.
وما يؤكد هذا المسعى محاولة النظام التركيز في عملياته وتصعيده على المدن والبلدات المتناثرة على الطريق الدولي “دمشق-حلب”، الذي يمر من معرة النعمان وسراقب وريف حلب الجنوبي .
رفع عتب
كما أنّ الصمت الدولي واﻷممي، تجاه المجازر اﻷخيرة في إدلب يفسر أنّ التصريحات الخجولة، تصب كالمعتاد في خدمة ما يمكن تسميته “المخرجات الحقيقية” في “الغرف المعتمة” التي ارتادتها الدول المتحكمة (روسيا وتركيا وإيران).
معارضة هزيلة
من جانبٍ آخر، تبدو المعارضة، متأرجحة بين وعود الضامن وعجز اﻹدارة للمحرر، الذي أشعل الشارع، وبدا وكأنها “لقمة سائغة”، وهذا واقع يصدقه البحث عن “العروش الزائفة” وفق ما يشاع هنا في إدلب.
بالمحصلة ثمة فصائل “منزوعة اﻹرادة” أو “مسلوبة القرار”، وإن كانت هذه النقطة سلبية للغاية في هذه المرحلة إﻻ أنها، عمليا، “غربلة للصف الثوري”، وتقسيمه إلى “معسكرين”، فوق مسرح شكسبيري ينتهي بمبدأ “أكون أو ﻻ أكون”. وهي نقطة التحول والعودة إلى البدايات.
قلب الطاولة
ويبقى السؤال حول “قيامة إدلب” قائما، ومشروعا، إﻻ أنّ ثمة ما يوحي بوجود “وﻻدة” جديدة، وإن بدت ضعيفة في مرحلة ما، أو متأخرة، لكنها قادرة على “قلب الطاولة”، وفرض “معادلة مختلفة”، إﻻ أنها لن تستمد قوتها إﻻ من أهدافها، واﻻبتعاد عن اﻻرتهان للأجندات الخارجية.
ومن الراجح وفق مصادر عسكرية خاصة لبلدي نيوز، أنّ دخول الروس إلى المحرر يدخل ضمن “فخ عسكري”، معدّ مسبقا، وﻻ ترغب فيه موسكو، باعتبار قواتها ستغدو أهدافا سهلة لعمليات نوعية، لاحقة عبر التيارات “الرديكالية أو الجهادية”. والتي ستلقى دعما شعبيا، ﻻسيما في حال التورط في “اﻻعتقاﻻت”؛ فالخشية من تكرار سيناريو “درعا والغوطة الشرقية” ﻻزال قائما وحاضرا.
ومن جهةٍ أخرى؛ عملية القضم لن تمر قبل اﻻنتهاء من ملف التيار الجهادي، ومن الراجح أنها نقطة غاية في التعقيد، باعتبارها تسير وفق رؤية فكرية أكثر منها عسكرية.
إذ يرى محللون أنّ خسارة هذه التيارات للأرض، ليس هزيمة، وارتباط فكرهم بالعقيدة، يعطيهم دافعا جديدا ﻹعادة هيكلة انتشارهم وبنيتهم، بما يتناسب والواقع الجديد، كما هو حال “تنظيم الدولة (داعش)”.
ولدينا التيار الذي يحمل الفكر الوطني، والذي لن يقبل شبابه بالتراجع، ما سيعيد الزخم مرةً أخرى للثورة، لكن بشكل مختلف عن السابق. وأشرنا في تقارير سابقة إلى احتمالية تلاقي المصلحتين، عند نقطة مشتركة في وقتٍ ﻻحق.
وﻻ يمكن في هذا اﻹطار التعويل على “الميت سريريا” كما تصفهم بعض اﻷقلام الثورية، في إشارة إلى المعارضة السياسية.
وبالمجمل فالتحرك العسكري التقليدي “حرب الجيوش النظامية” أثبت فشله تماما، ما يعني أنّ “حرب الاستنزاف” للعدو محتملة وراجحة، وفي ظل انهيار اقتصادي لدى النظام؛ فالحل الوحيد اﻻكتفاء مؤقتا بضربات تعيد إليه تفعيل “طرق المواصلات التجارية” وتنعشه.
اﻷمر الذي يجعل متسعا للتحرك، على تلك الطريق، وخيار ضربها قائما، على اﻷقل لدى التيار الجهادي الرديكالي، الذي لم يحسم مصيره بعد.
يشار إلى أنّ محافظة إدلب تشهد تصعيدا عسكريا كبيرا، وتعد هذه الحملة العسكرية الرابعة للنظام، والتي بدأت منذ نهاية تشرين الأول/ أكتوبر 2019، عبر قصف عنيف شمل وفق تقارير رسمية أكثر من 40 موقعا، بينما بدأت العمليات القتالية في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر الفائت.
واستطاع النظام السيطرة على 7 مواقع شرق معرّة النعمان قبل أن يضطر للانسحاب من أحدها، نتيجة القوة الدفاعية التي أبدتها فصائل المعارضة، وذلك نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر، الفائت.
ووفق تقريرٍ صادر عن (منسقو استجابة سورية) فإن عدد العائلات التي نزحت من جنوبي وشرقي إدلب بسبب القصف المتواصل وصل إلى 19.898 عائلة (ما يزيد عن 100 ألف نسمة)، وتحديدا بين الفترة من 1 تشرين الثاني وحتى الـ17 كانون الأول/ديسمبر الجاري.
المصدر: بلدي نيوز