منوعات

فضحَ أميركا وأرسل لقائده صورته بفستان! قصة صاحب أكبر تسريب عسكري بالتاريخ الذي أجبر سجانيه على دفع تكلفة تحوُّله إلى امرأة!

فضحَ أميركا وأرسل لقائده صورته بفستان! قصة صاحب أكبر تسريب عسكري بالتاريخ الذي أجبر سجانيه على دفع تكلفة تحوُّله إلى امرأة!

في حين كان العالم مشغولاً بالفضيحة التي تسبب فيها لأميركا عبر موقع ويكيليكس، وفي الوقت الذي كانت فيه محكمة عسكرية تنظر في التهم الموجهة إليه والتي قد تصل عقوبتها للإعدام، كان هذا الرجل مشغولاً بأمر آخر.. إنه كان يريد أن يصبح امرأة. في 21 أغسطس/آب 2013، أصدرت المحكمة العسكرية الأميركية حكماً بالسجن 35 عاماً على الجندي الأميركي «برادلي مانينغ»؛ وذلك بسبب تسريبه مئات الآلاف من الوثائق السرية إلى موقع ويكيليكس، كما قضت المحكمة بأن يُجرَّد «مانينغ» من كل رُتبه العسكرية التي حصل عليها مسبقاً.

لكن، يبدو أن «مانينغ» لم يتأثر نهائياً بالحكم الصادر ضده، فبعد يوم واحد من هذا الحكم، أعلن في 22 أغسطس/آب 2013، أنه في الحقيقة امرأة تُدعى تشيلسي.

وقال -أو قالت «مانينغ»- إنه يشعر منذ الطفولة بأنه أنثى، وإنه قرر البدء الفوري في العلاج الهرموني.

ولم يطلق الرجل الذي هز أميركا هذا التصريح إلا بعد انتهاء المحاكمة؛ حتى لا يطغى تصريحه على مرافعات الدفاع في أثناء محاكمته، حسبما قال محاميه.

وكأنه لم يكتفِ بإثارة الجدل بما فعله من كشف أسرار بلاده للعالم بأَسره، ولكنه أثار الجدل بكشفه عن رغبته في التحول إلى امرأة. فما هي قصة هذا الجندي الذي حطم كل ما هو معروف عن التقاليد العسكرية، ولكن البعض يراه بطلاً..؟

عانى متلازمة جينية بسبب تناول الأم الكحول وشعر بأنه فتاة وهو في الخامسة

وُلد -أو وُلدت- «مانينغ» في ديسمبر/كانون الأول عام 1987، وكانت مُذكَّر الجنس وسُمي باسم «برادلي مانينغ»، وكان والداه من مدمنِي الكحول.

ويُعتقد أن «مانينغ» وُلد بمتلازمة الكحول الجنينية FAS، وهي اضطراب يحدث للجنين بسبب تناول الأم الكحول خلال فترة الحمل. وعاش «مانينغ» طوال فترة طفولته وحيداً تماماً، ولم يكن يعتني سوى بشقيقته الصغيرة كيسي.

تعرض «مانينغ» للتنمر في المدرسة، حيث كان زملاؤه يعتقدون أنه يتصرف بغرابة؛ لأنه فتى مثلي الجنس، وفي سن الخامسة شعر برادلي للمرة الأولى بأزمته الجنسية، وطلب من والده التحول إلى فتاة، ولكن والده رفض بشدة وقام بتعنيفه.

كان يتسلل إلى غرفة شقيقته لينفرد بأحمر الشفاه

وفي تلك الفترة اعتاد «مانينغ» أن يتسلل خلسة إلى غرفة شقيقته «كاسي»، حيث يمكنه أن يكون فتاة ولو لفترة قصيرة من الوقت؛ وهناك كان يرتدي «مانينغ» فساتين أخته، ويضع أحمر الشفاه ومساحيق التجميل؛ وفور أن يشعر باقتراب أحدهم حتى يتخلص من مظاهر الفتاة.

بعد انفصال والديه انتقل «مانينغ» للعيش مع والدته في «هافرفوردويست» بجنوب غربي ويلز في المملكة المتحدة، وهناك أتيحت له فرصة أكبر لإظهار ميوله، حيث تولى أعمال المنزل وكان يمكنه وضع مساحيق التجميل والتزيُّن في أثناء غياب والدها.

وفي تلك الفترة كان «مانينغ» يقضي الكثير من وقته في التحدث الإلكتروني مع مجتمع  LGBTQ الذي ينتمي إليه مثليو الجنس والمتحولون جنسياً ومزدوجو الميول الجنسية.

التحق بالجيش لوأد الأنثى داخله.. والنتيجة أنه أرسل صورة له بالفستان لقائده، وجاهر بهويته الجديدة

التحق «مانينغ» بالجيش الأميركي وهو في سن التاسعة عشرة وذلك في أكتوبر/تشرين الأول عام 2007، وقد قال -أو قالت-  «مانينغ» إنه انضم إلى الجيش على أمل أن تنتهي رغبته في التحول لامرأة ويتعايش مع كونه ذكراً.

وفي رحلته للتأقلم، تخرَّج «مانينغ» في كلية الاستخبارات، حيث انتظم في الدراسات العسكرية، وتدرب على كتابة التقارير السياسية وإنتاج مقاطع الفيديو الخاصة بالحروب التي تخوضها الولايات المتحدة والمواجهات العسكرية ومعارك الشوارع والتفجيرات، واطلع بحكم دراسته وعمله على الوثائق العسكرية المسجلة حول الحرب في أفغانستان.

 

أُرسل«مانينغ»إلى العراق خلال عام 2009، ومن هناك أرسل بريداً إلكترونياً إلى مستشار الهوية الجنسية بالولايات المتحدة يطلب منه المساعدة. وفي أبريل/نيسان عام 2010، بعث برسالة عبر البريد الإلكتروني إلى مشرفه العسكري مع صورة له وهو يرتدي زي امرأة، بعنوان: «مشكلتي»، لكن المشرف العسكري تجاهل الأمر برمته، وهنا أدرك «مانينغ» أن معركته في الإفصاح عن هويته الجنسية لن تكون سهلة أبداً.

وفي ربيع 2010، كتب -أو كتبت-«مانينغ»عبر صفحتها على الفيسبوك: «برادلي مانينغ غادر الآن إلى غير رجعة ولم يعد لديه أي شيء». وبعد أسبوع علقت قائلةً: «أنا محبطة أكثر من الجميع ومن المجتمع ككل».

شُغفت بموقع ويكيليكس.. ولهذا السبب أرادت أن تفصح للعالم عن أخطاء أميركا!

تعرفت «مانينغ» على موقع ويكيليكس في أثناء التحاقها بإحدى الدورات التدريبية، وكانت تتابع دوماً ما ينشره مؤسس الموقع «جوليان أسانج»؛ ففي البداية كانت تظن «مانينغ» أن بعض الأمور يجب أن تظل طي الكتمان عن العامة، ولكنها غيرت رأيها فيما بعد وقالت: «دعونا نفصح عن أخطائنا ونلقِ الضوء على السياسات الخاطئة، ونكشف للتاريخ من نحن وماذا نفعل».

وسربت «مانينغ» للموقع 250 ألف برقية دبلوماسية، ونحو نصف مليون تقرير أنتجه الجيش الأميركي عن الحرب في أفغانستان والعراق، وعليه تعد «مانينغ»صاحبة أكبر تسريب لوثائق عسكرية سرية في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية.

في 2010، قامت «مانينغ» بتنزيل مئات الآلاف من الوثائق من جهاز الكمبيوتر الخاص بها على قرص مدمج عليه علامة ليدي غاغا وأخذته إلى الولايات المتحدة، حيث كان عليها قضاء إجازةٍ مدة أسبوعين.

وفور وصولها للولايات المتحدة، اتصلت الآنسة «مانينغ» بـ»واشنطن بوست» و»نيويورك تايمز»، لكن لم يبدِ أي منهما اهتماماً، ثم أرسلت الوثائق إلى ويكيليكس، غير مدركة ما إذا كان قد تم تسلُّمها، ثم عادت إلى العراق.

هذا الرجل المقرب لها هو الذي كشفها.. وواجهت 22 تهمة تكفي لإعدامها

نشر موقع ويكيليكس الوثائق الأولى في 18 فبراير/شباط 2010، وفي أبريل/نيسان من العام نفسه، سافر أسانج، مؤسس الموقع، إلى واشنطن ليفصح خلال مؤتمر صحافي كبير عن شريط فيديو سرَّبته «مانينغ» اسمه  «القتل الجماعي»، وأظهر شريط الفيديو عراقيين مدنيين قُتلوا بالرصاص على يد مروحية أميركية.

تحدثت «مانينغ» عن تسريبها الوثائق مع «أدريان لامو» أحد أصدقائها على الإنترنت. وفي مايو 2010، ذهب لامو إلى الشرطة وأبلغ عن «مانينغ»، واعتُقلت «مانينغ» بالعراق في 27 مايو/أيار 2010.

بعد إلقاء القبض عليها استمر موقع ويكيليكس في نشر الوثائق؛ ففي يوليو/تموز 2010 نشر الموقع التقارير التي أصدرها الجيش الأميركي عن الحرب في أفغانستان والعراق. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2010، نشر ويكيليكس البرقيات الدبلوماسية.

وُجِّهت إلى «مانينغ» نحو 22 تهمة؛ منها التجسس ومساعدة العدو، وهي تهم تستحق عقوبة الإعدام. وفي فبراير/شباط 2013، اعترفت «مانينغ» بـ10 تهم من أصل 22 تهمة، وأبلغت المحكمة في خطاب دامَ أكثر من ساعة، أنها سربت الوثائق لإظهار التكلفة الحقيقية للحرب.

حاولت الانتحار بشنق نفسها.. والسبب ما فعله بها هرمون الذكورة!

احتُجزت «مانينغ» في البداية بقاعدة «كوانتيكو» في ولاية فرجينيا الأميركية، في ظروف شجبتها الأمم المتحدة  واعتبرتها شكلاً من أشكال التعذيب، ثم نُقلت تحت الضغط الإعلامي لتنفيذ حكمها في قاعدة فورت ليفنوورث العسكرية بولاية كانساس. وفي السجن، دخلت «مانينغ» في حالة اكتئاب حادة؛ إذ شعرت بأن التستوستيرون أو هرمون الذكورة يسمم جسدها بالكامل؛ ولهذا حاولت الانتحار وشنقت نفسها، ولكن أنقذها حراس السجن، وبعد إنقاذها دخلت في إضراب مفتوح عن الطعام؛ إذ أعلنت أنها لن توقف الإضراب حتى يسمح لها الجيش بإجراء عملية تصحيح جنسي.

وكردِّ فعل على تدهور حياة «مانينغ»، رفع محاميها دعوى قضائية ضد وزارة الدفاع الأميركية؛ خوفاً من تكرار موكلته محاولة الانتحار. وبعد صراع قضائي طويل، بدأت «مانينغ» تتلقى العلاج الهرموني، فأصبح جسدها أكثر نعومة وقلَّت كثافة شعر جلدها، وبدأ جسدها يصبح أكثر أنثوية، الأمر الذي أرضاها وجعلها تبدأ العيش بصورة طبيعية.

كيف انتقلت من العار والسجن إلى مرشحة في انتخابات الكونغرس؟!

خرجت «مانينغ» من السجن بعد أن قضت 7 سنوات من عقوبتها، وأصدر الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، قراراً رئاسياً بتخفيف الحكم الصادر بحق تشيلسي «مانينغ» بسبب تسريبها وثائق لموقع ويكييلكس.

وخرجت «مانينغ» من السجن في 17 مايو/أيار 2017، وقد كان من المقرر حسب مدة عقوبتها قبل العفو أن تظل بالسجن حتى عام 2045.

وتحولت تشيلسي «مانينغ» إلى بطلة وقدوة للمتحولين جنسياً؛ إذ اعتبروا ما وصفوه بكفاحها يشكل إلهاماً قوياً يدفعهم لاستكمال مسيرتهم في التصحيحالجنسي حتى النهاية، حسب تعبيرهم.

وفي فبراير/شباط 2018، قدمت تشيلسي «مانينغ» أوراقها إلى لجنة الانتخابات الفيدرالية؛ وذلك لوضع اسمها على بطاقة الاقتراع الخاصة بولاية ماريلاند استعداداً لخوض الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في 26 يونيو/حزيران 2018. وفور تقديمها الأوراق، تحققت لجنة الانتخابات من توافق تشيلسي مع المعايير المنصوص عليها دستورياً للترشح لمجلس الشيوخ: فهي مواطنة أميركية، مقيمة بولاية ماريلاند  ولا يقل  عمرها عن 30 عاماً، وهو ما مكنها من الترشح للانتخابات المحلية بنجاح.

وفي 26 يونيو/حزيران 2018، احتلت تشيلسي مانينغ المركز الثاني بين 8 ديمقراطيين يتنافسون على ترشيح حزبهم لمجلس الشيوخ الأميركي في الانتخابات التمهيدية بولاية ماريلاند، وتلقت مانينغ 5.7% من الأصوات. في حين نال منافسها بن كاردن 80.5% من الأصوات المدلى بها.
بعد وقت قصير من إغلاق صناديق الاقتراع، أعلنت مانينغ أنها على قناعة بأن التغيير الذي يحتاجه الناس بالفعل يتجاوز ما يريده نظامٌ ثنائي الحزبين الفاسد، حسب تعبيرها.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة ADBLOCK

مرحبا لا يمكن تصفح الموقع بسبب استخدام اضافة حظر الإعلانات الرجاء ايقاف تفعيلها من المستعرض