لماذا يقتلون الخيل على الفور عندما تكسر ساقها ؟ .. إليك السبب
لماذا يقتلون الخيل على الفور عندما تكسر ساقها ؟ .. إليك السبب
تميز الإنسان العربي بشكل خاص بحبه للفروسية لارتباطه الشديد بفرسه التي كانت في كثير من الأحيان تصل الى مشاعر عاطفية يكنها الفارس لفرسه وكأنها أحد أبنائه.
لدرجة. أن الكثيرين من الشعراء العرب خلدوا خيولهم في الكثير من أشعارهم، وتميزت الخيول العربية بشكل خاص بأصالتها وصفاء نسبها ورشاقتها..
وكانت الخيول بشكل عام صديقة للإنسان منذ الأزل استخدمها في ترحاله وسفره لقوتها البدنية الهائلة التي جعلته يستخدمها حتى في معاركه وحروبه..
وفي العصر الحديث بدأ الاهتمـ.ـام في الخيول بشكل أكثر شيوعا إذ يهتم مالكوها بتفاصيلها ويتم ترويـ.ـضها، وتتنافس مع الخيول الأخرى في مضمار سـ.ـباق الخيل، أو ربما تُشاهَد في عروض إسطبلات الأرياف.
غالبًا، أثار حماسك كلامي السابق عن الخيول، وماهية حياتها، ولكن للأسف، فإن الكلمات القادمة ستثير سخطك وانزعاجك.
تخيّل نفسك في مضمار سباق للخيول، تشاهد وتشجّع، وفجأةً، سقطت إحدى الأحصنة عن طريق الخطأ، وكُسرت ساقها بطريقة ما، طبعًا هنا قد يُخيّل لك أنه سيتم إسعاف الحصان وتأمـ.ـين العلاج الطبي له حتى يشفى ويعاود سباقاته من جديد.
ولكن لا، فغالبًا من الصعب جدًا علاج ساق الأحصنة المكسورة، ولكن ليس هذا الجزء المُحزن والمُزعج يا عزيزي.
ما يثير الدهشة حقًا هو أنه يتم التخلّص من هذه الأحصنة نهائيًا، بما يُسمى المـ.ـوت الرحيم، بكلمات أخرى أكثر بساطة، يُقتل الحصان عندما تُكسر ساقه. لماذا؟ تابع معي.
أفلام الموت الرحيم في السينما العالمية
لماذا تُقتل الخيول عند كسر ساقها؟!
يُعزى سبب التخلّص من الأحصنة ذات الساق المكسورة إلى قطع الأمل بشفائها التام، فبحسب الدراسات، من الصعب على ساق الحصان المكسورة أن تلتئم بشكل صحيح.
كما أن تكلفة علاجها مرتفعة جدًا. هناك عدة تفسيرات طبيّة مهمّة تبرّر قتل الأحصنة عند إصابة الساق بالكسر:
قوّة وسرعة الحصان تكمن في الجزء السفلي من جسمه
من الناحية التشريحية، فإن الخيول غريبة من حيث بنية العضلات والعظام. ليس للخيول عضلات تحت الركبة، بل تتوفر العضلات في الجزء العلوي من الجسم، أما ما تحت الركبة، فهو عبارة عن نظام مذهل من الأوتار والأربطة.
يوفر نظام العضلات العلوي كميات هائلة من الطاقة يزوّد بها الأوتار والأربطة السفلية، والتي يمكن تشبيهها بالزنبرك، تساعد الخيول في سباقات السرعة العالية. لذا عند تضرر الجزء السفلي، فيُنظر إلى هذا الحيوان على أنه عديم الفائدة.
لا يمكنك تشبيه جسمك بجسم الحصان، في حال أردنا المقارنة، فأجسامنا خفيفة الوزن نسبيًا مقارنةً بالأحصنة، كما أن عظام أرجلنا أكبر من عظام أرجلها.
إذا كُسرت ساق أحدنا، فإن أسوأ ما يمكن أن يحدث هو عملية جراحية تقتضي تثبيت العظم بصفائح ودبابيس وجبيرة، والانتظار لأسابيع أو لأشهر حتى نستعيد ساقنا كما كانت.
عظام ساق الخيل خفيفة جدًا
في حين أن نظام العضلات والأوتار والأربطة السابق، يساعد الحصان على الركض بسرعة بشكل كبير، إلّا أن لهذا النظام عيوبه أيضًا، فبالرّغم من قوّة العظام السفلية وكمية الطاقة الموجودة فيها، إلّا أنها خفيفة للغاية.
تحتوي أرجل الحصان على حوالي 80 عظمة من أصل 205 عظمة موجودة في كامل الجسم. فتخيّل معي في حال انكسار الجزء السفلي من ساق الحصان..
هنا لا تتكسر العظام الموجودة فيه فقط؛ بل تتحطّم نهائيًا، وهذا ما يجعل من المستحيل تطبيبها أو معالجتها لتعود إلى شكلها الأصلي. حتى لو تمّت المعالجة بطريقة ما، فغالبًا سيتشكّل العظم ويتثبّت بشكل سيء غير مرغوب، ولن يرجع قويًا كالسابق.
إضافة إلى ذلك، يجب أن تعرف أنه وقبل الكسر بقليل، ينحني العظم فيما يسمى كاصطلاح طبي “التشوّه البلاستيكي (Plastic Deformation)“، أي يتغير شكل انحناء العظم الطبيعي الذي كان يحفط القطع المشكّلة له بالشكل التي هي عليه قبل الكسر، وبالتالي عند التحام الكسر، سيتكون في النهاية عظم ذو شكل غير مرغوب.
التأثير الضار للكسر على الأوعية الدموية في جسم الحصان
طبيًا، تعتمد الدورة الدموية الطبيعية في جسم الحصان على حوافره، وبالتالي، فإذا لم يتمكن الحصان من تحريك ساقيه، وبقيت ساكنة لفترة طويلة حتى تتم المعالجة وتلتحم ساقه، يعرّض ذلك حياته للخطر بشكل أكبر.
بشكل مفصّل أكثر، عند تضرر العظام وكسرها، من الممكن أن تقطع حافة العظام الحادة الأعصاب والأوعية الدموية والأوتار الخاصة بالجزء المكسور، وهنا يقلّ تدفّق الدم إلى هذه الأجزاء، لذا يموت النسيج تدريجيًا، حيث لا يستطيع الحصول على الدم الكافي للشفاء.
أهمية أرجل الحصان في حمل وزنه
غالبًا، يبلغ وزن الحصان البالغ السليم ما بين 450-1000 كيلوغرام، وكما نعلم، تُدعم هذه الكمية الضخمة من الوزن بأربعة أرجل قوية.
وبالتالي، إذا كُسرت إحداها، فسيقع عبء تحمّل الوزن على الأرجل البقية، ويؤدي ذلك إلى حدوث التهابات شديدة في الصفيحة (الأنسجة الليفية المتشابكة التي تصل حافر الحصان بساقه) والمفاصل الواقعة في قاعدة الأرجل.
لن يلتزم الحصان بفترة الراحة!
كلنا يعرف أنه هناك فترة راحة بعد الإصابة بأي مرض جسمي، يتوجب على الكائن الحي سواء الإنسان أو الحيوان، الالتزام بها حتى يستعيد الجسم صحته، وتلتئم الكسور مثلًا في حال وجود كسر في الجسم، ولكن، بالنسبة للحيوانات، من الصعب شلّ حركتها بالكامل حتى تشفى، وبشكل خاص الخيول.
يقول مربّيّ الخيل أن الخيول شديدة المقاومة للثبات، تقاوم أي محاولة تكبيل أو تثبيت، بالرّكل، وبالتالي، عند إصابتها بالكسر، سيصعب شلّ حركتها لأيام أو أسابيع قليلة، أي أنها ستنهض، ومع جسمها ثقيل الوزن، ستصاب الساق بقروح عنيفة مكان الإصابة بسبب الضغط، وهذه مشكلة أخرى.
تكلفة العلاج المرتفعة
تكلفة علاج ساق الحصان المكسورة مرتفعة جدًا، لذا يميل الناس إلى التخلّص من الحصان بدلًا من إنفاق الأموال في علاجه، وخاصةً أنه وكما قلنا، تكون فُرص الشفاء التام ضئيلة، إلّا في حال كان الحصان خاصًّا وتكلفة شرائه مرتفعة، هنا تجدر المحاولة.
الأذية النفسية للحيوان
يُضاف إلى الأسباب أعلاه الأذى النفسي الذي سيلحق بالحصان، بسبب اضطراره للبقاء ساكنًا وفي مكان محدد مدة زمنية ليست بقليلة، وكما نعرف، من طبيعة الأحصنة العدو والركض، لذا سيكون أمر الالتزام صعبًا عليها.
تعالوا لنتعرف على: سرطان حدوة الحصان!
هل هناك حلول لكسر الساق عند الخيول ؟
اقترح بعض الأطباء ربط ساق الحصان بحبال ورفعها، لتجنب التعرض للالتهابات الناجمة عن الضغط على الساق في حال تحرّك الحصان، ولكن لن يسير الأمر بالشكل المطلوب، فبهذه الحالة، سيتم التخلص من الالتهابات الناجمة عن حركة الحصان، ولكن ستبدأ مشكلة الالتهابات بسبب الحبل، حيث سيتحرك الحصان كثيرًا، ما يؤدي إلى فرك المنطقة مكان الربط والإصابة بالالتهاب.
مشكلة أخرى أيضًا، في حال تمكّنا من تهدئة الحصان وجعله عديم الحركة، فهو هنا مُعرّض للإصابة بمرض الالتهاب الرئوي الجرثومي الثانوي، ينجم هذا الالتهاب عن الاستلقاء فترة مطوّلة بوضعية خاطئة، قد يؤدي ذلك إلى تراكم السوائل في الرئة، ولا يتم التخلص منها بشكل جيد، وهو ما يسبب الالتهاب.
ماذا لو كان الحل استبدال العظم المكسور بآخر صناعي؟!
قد يبدو لنا ذلك حلًّا ممتازًا، ولكن في الحقيقة، إن المواد التي ستُسخدم في تكوين العظم الصناعي هي مواد تركيبية أو عظام بشرية مشعّعة (Irradiated Human Bones)، تستخدم لتكوين السقالة، ولكن يمكن استخدام هذه الطريقة في حال كان الكسر بسيطًا، لتعبئة فجوة في العظام، أي في المستشفيات البشرية غالبًا، أما في حالتنا هذه، فهي ليست طريقة هيكلية أو عملية. العظم نسيج حيّ، نحن هنا بحاجة إلى بنية بيولوجية حقيقية مستمرّة على المدى الطويل.
في النهاية، وبما أن فعل قتل الأحصنة هذا عند كسر ساقها مبرر حقيقةً، فما كان من الرابطة الأمريكية لممارسي رياضة ركوب الخيل، إلا أن تقدم إرشادات تتضمن مساعدات لاتخاذ قرارات إنسانية بشأن القتل الرحيم للخيول، جاءت هذه الإرشادات كعزاء للمربين، وتضمنت عدة بنود:
- يجب ألّا ندع الحصان يتـحمل الألم المستمر الذي لا يمكننا السيـطرة عليه، سواء كان حالة مزمنة أو غير قابلة للشفاء، ولا يجب أن يتحمـل أي حالة مرضية أو جراحية في حال كان ميؤوس منها.
- ألا يبقى الحصان على قيد الحياة في حال كان يعاني من حالة طبـية تشكّل خطرًا عليه وعلى من حوله.
- ألا يبقى الحصان في حبـسٍ مطوّل للتخفيف من ألمه أو الوقاية من المضاعفات أو المعـاناة التي لا يمكن علاجها.