هل تعلم أن النسور لا تموت كباقي الطيور بل تنتحر انتحارا! فلماذا تقدم النسور على الانتحار؟ وكيف تفعل ذلك؟
انتحار النسر هو أحد السلوكيات الحيوانية التي أدهشت العلماء واستوقفتهم لفترات طويلة.
حيث جرت العادة أن تنتهي حياة الكائنات الحية في البرية إما بتعرضها إلى الافتراس أو جوعاً بسبب نُدرة المصادر الغذائية في بيئتها أو الموت بشكل طبيعي.
أما موت النسر فيتم بشكل بالغ الغرابة، إذ أنه عند بلوغه سن مُعين يُقرر إنهاء حياته بنفسه.
تناول علماء الأحياء ظاهرة انتحار النسر بالدراسة والتحليل؟ فترى ما النتائج التي توصلوا إليها؟ وما سر إقدام النسر على ذلك الفعل الغريب؟
قبل التطرق بالحديث حول ظاهرة انتحار النسر وكيفية إنهاء حياته، يجدر بنا الذكر أن النسر يعد واحد من الطيور المُعمرة.
حيث أكدت أكثر من دراسة أن عمر النسر في المعتاد يتراوح ما بين 40 : 45 عاماً تقريباً، وهي مدة طويلة بنسبة كبيرة مقارنة بأعمار بمختلف الطيور الجارحة الأخرى والطيور بشكل عام.
عادة ما يتم انتحار النسر خلال تلك الفترة، إلا أن بعض العلماء سجلوا حالات لنسور أخرى لم تُقدم على الانتحار، وهذا النوع كان مُعمراً بحق؛ إذ أن بعضهم عاش لـ90 : 100 عاماً.
يحدث انتحار النسر عادة في فترة مُنتصف العمر الافتراضي المحدد لهذا النوع من الكائنات الحية، أي بعد تجاوز عمره 40 : 50 عاماً تقريباً، ويتم ذلك بشكل أشبه بسلوك الانتحار البشري التقليدي عن طريق إلقاء النفس من فوق مكان مرتفع باتجاه الأرض.
حين يقرر النسر الانتحار فأنه يُحلق إلى إحدى القمم المرتفعة بقدر استطاعته، ثم يضم جناحيه إلى جانبي جسمه ويميل برأسه للأمام، ومن ثم يترك جسمه يسقط في الهواء دون أن يقوم بفرد جناحيه.
وعليه فأنه يستمر في السقوط إلى أن يرتطم بالأرض من تلك المسافة الشاهقة فيموت في الحال.
يرجع انتحار النسب -وفقاً لما أورده علماء الأحياء- إلى شعوره بالعجز عن مواصلة الحياة نتيجة تراجع قدراته مع تقدمه في العمر، حيث أنه يفقد قوة بصر الطيور المعروفة والتي تمكنهم من تحديد مواقع فرائسهم ومصادر غذائهم على الأرض أثناء التحليق.
كما أن ريشه يصبح أكثر كثافة وثقلاً وبالتالي تضعف أجنحته بشكل ملحوظ مما يجعله عاجزاً عن التحليق لمسافات طويلة مما يجعله عاجزاً عن مواصلة حياته بشكل طبيعي، إذ أن بعض أنواع النسور مُصنفة ضمن الطيور المهاجرة مثل النسر الذهبي.
يرجع علماء الأحياء انتحار النسر إلى أسباب نفسية، فقد أكدت الدراسات أن سلوك الحيوانات يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحالة النفسية لها، ودليل ذلك هو أن بعض الكائنات الحية يتغير سلوكها تماماً عن وقوعها في الأسر وبعضها يرفض الحياة داخل الأقفاص، مثل دب الباندا الذي يمتنع عن التكاثر إذا كان واقعاً في الأسر، وبعض أنواع الحيوانات المستأنسة تمتنع عن الطعام إذا تغير مالكها إلى أن تموت جوعاً.
من ثم يمكن اعتبار تقدم النسور في العمر وضعف حواسهم يصيبهم بما يشبه الاكتئاب ويدفعهم إلى إنهاء حياتهم بتلك الصورة الغريبة.
الحقائق الغريبة المتعلقة بسلوك النسور لا تتوقف عند حد اتخاذ قرار الانتحار، بل أن العلماء أكدوا أن انتحار النسور هو خطوة أخيرة يُقدم عليها عادة بعد استنفاذ كافة محاولات البقاء، وأبرزها ما يُعرف بأسم محاولة التجديد.
حين يصل النسر إلى عمر 40 : 50 عاماً ويبدأ في استشعار ثقل ريشه وضعف منقاره، فأنه يصعد إلى عشه ويبدأ في نتف ريشه ثم يضرب منقاره بإحدى الصخور القوية حتى يتحطم، ورغم أن ذلك السلوك يُصيبه بألم شديد إلا أنه يقوم به تمسكاً بالحياة.
إذ أن بعد 150 يوماً يُعاد نمو المنقار مرة أخرى ويتكون الريش فوق جسده، ومن ثم يستعيد قدرته على التحليق ومواصلة الحياة، وأغلب النسور التي أقدمت على تلك الخطوة تمكنت من مواصلة الحياة حتى مائة عاماً.