أخبار العالم

مخطط تركي – روسي في سوريا.. الهدف إعادة قسم من اللاجئين إلى تل رفعت ومنبج

مخطط تركي – روسي في سوريا.. الهدف إعادة قسم من اللاجئين إلى تل رفعت ومنبج

كشف موقع أورينت نت عن خطة تركية – روسية تهدف لإعادة أقسام من اللاجئين إلى الداخل السوري ضمن ما وصف بـ (التجربة)، مشيراً إلى ان الأماكن التي من الممكن أن يُعاد اللاجئون إليها تبدأ بـ (منبج وتل رفعت).

وقال الموقع في تقريره: “لم تكن موجة التسريبات والتصريحات التركية الجديدة حول مستقبل العلاقة بين أنقرة ودمشق مفاجئة للكثيرين، بالنظر إلى السياق العام للمشهد منذ شهرين، حيث أعلنت تركيا عن انفتاحها على التطبيع مع نظام أسد، لكن الجديد هو ما كشفت عنه مصادر مطلعة حول خطة تركية-روسية تتعلق بعودة اللاحئين إلى مناطق سيطرة النظام”.

ورغم أن صحيفة “تركيا” المقربة من حزب العدالة والتنمية الحاكم كانت قد نشرت تقريراً الشهر الماضي حول هذا الموضوع، كشفت فيه عن توافق بين موسكو وأنقرة لإعادة دفعات كبيرة من اللاجئين السوريين إلى حلب وحمص ودمشق بضمانات روسية ورقابة من تركيا، إلا أن المصادر التي تحدثت ل”أورينت” أكدت أن ما نشرته الصحيفة التركية بهذا الخصوص موجّه للرأي العام التركي، ولا يتضمن تفاصيل الخطة والمعلومات الكاملة حولها.

المصادر التي نوّهت إلى أن هذه “الخطة مبدأية” وما تزال في طور النقاش، تشدد في الوقت نفسه على قطع شوط كبير نحو إنجاز تفاصيلها قبل البدء بتطبيقها، مؤكدة أن هذا الموضوع كان بالفعل أحد ملفين أساسيين تناولتهما محادثات مسؤولي المخابرات في حكومتي تركيا ونظام أسد، التي تم الإعلان يوم الخميس عن عقدها في دمشق مؤخراً.

وكان موقع halk tv التركي قد كشف عن لقاء سري جمع بين رئيس الاستخبارات التركية حقان فيدان ورئيس مخابرات ميليشيا أسد علي مملوك، وذلك برعاية روسيا التي تعمل منذ فترة على دفع العلاقات بين الطرفين للاتجاه نحو التطبيع.

وذكر الموقع أن فيدان توجّه إلى سوريا وعقد اجتماعاً وجهاً لوجه مع مملوك في دمشق، وذلك من أجل حلّ قضية اللاجئين التي تُعدّ من أهم الملفات في تركيا حالياً، خاصة مع قرب الانتخابات.

مصادر أورينت كشفت تفاصيل الخطة المبدأية التي يعمل الروس والأتراك على تطبيقها بهذا الخصوص، وتقوم على تحديد مدن وبلدات في شمال غرب سوريا كمناطق منزوعة السلاح من أجل عودة اللاجئين والنازحين إليها على سبيل التجربة.

وتضيف: مقابل تخليها في الوقت الحالي عن تنفيذ عملية عسكرية جديدة في منبج وتل رفعت بريف حلب، طرحت تركيا انسحاب جميع القوات العسكرية والأمنية من هاتين المنطقتين، وهذا يشمل ميليشيات قسد وأسد وإيران، مقابل عودة مؤسسات “الدولة” الإدارية والخدمية، كالشرطة والقضاء والصحة والتعليم، على أن تبدأ باستقبال النازحين واللاجئين من أبناء المدينتين المقيمين في تركيا حالياً.

وفي حال نجحت التجربة التي تصرّ تركيا أن تدخل حيز التنفيذ قبل نهاية العام ٢٠٢٢، فإنه يمكن توسيع التجربة لتشمل في المرحلة الثانية مناطق في ريف إدلب الشرقي وريف حماة الشمالي، وتحديداً في المدن والبلدات التي كانت ضمن مناطق خفض التصعيد وأُقيمت في بعضها نقاط مراقبة عسكرية تركية، مثل سراقب وخان شيخون ومورك وقلعة المضيق والمغير وغيرها.

من حيث المبدأ وافقت روسيا على المقترح التركي كما تقول المصادر، لكن نظام أسد لا يبدو أنه متحمّس لها حتى الآن، بل وأكثر من ذلك فإنه يعمل على عرقلتها، سواء من خلال أدائه في المحادثات التي جرت، أو عبر خطوات بدأ بتنفيذها على الأرض.

فإلى جانب تأكيدها على ما أوردته وكالة رويترز يوم الخميس حول اشتراط علي مملوك، رئيس ما يسمى بمكتب الأمن القومي التابع للنظام، على نظيره حقان فيدان، ضرورة انسحاب الجيش التركي من الأراضي السورية قبل الانتقال لملفات أخرى، تشير المصادر إلى بدء النظام بتطبيق تسهيلات كبيرة وغير مسبوقة مؤخراً من أجل عودة النازحين من سكان المناطق المقترحة في الخطة التركية، من مناطق سيطرة المعارضة إلى تلك المناطق، بهدف قطع الطريق على أنقرة.

لكن الحكومة التركية لا يبدو أنها منزعجة من قيام النظام بذلك، بل أوعزت إلى فصائل الجيش الوطني المرتبطة بها بتسهيل عودة من يرغب من سكان ريفي إدلب وحماة إلى قراهم وعدم منعهم، على اعتبار أن ذلك يسهم في تخفيف الضغط السكاني عن مناطق سيطرة المعارضة ويسمح ربما بإعادة قسم من السوريين من تركيا إلى الشمال.

وشهد الشهران الماضيان تزايداً كبيراً في عمليات تهريب النازحين العائدين من إدلب وريف حلب إلى مناطق سيطرة النظام، عبر ممرات تسيطر عليها فصائل الجيش الوطني في محيط مدينتي الباب وجرابلس شمال شرق حلب.

لكن مع بداية أيلول/سبتمبر الجاري، وبعد إعلان حكومة ميليشيا النظام افتتاح مركز “مصالحة” في خان شيخون بريف إدلب الجنوبي، تزايد عدد العائدين إلى مناطق سيطرة النظام، وباتت العملية تتم بشكل شبه رسمي، حيث تتدفق قوافل النازحين التي تضم حافلات نقل وسيارات خاصة، بل وحتى المواشي والأثاث وغير ذلك مما بات بالإمكان مؤخراً نقله بسبب تسهيل العملية من قبل الطرفين، فصائل المعارضة والنظام.

ورغم أن خطوة النظام هذه قد تؤثر على أوراق التفاوض التركية، وتحديداً فيما يخص التعاون المنتظر أن يبديه نظام أسد ضد ميليشيا قسد في شمال شرق سوريا، ويزيد من الضغط على أنقرة لتقديم تنازلات أكبر مما تعتقد أن عليه تقديمه، إلا أن أنقرة تعتقد أن أي خطوة في اتجاه عودة اللاجئين أو النازحين يصب في صالحها.

لكن المحلل السياسي السوري عمر كوش، يرى أن هذه الخطة غير قابلة للتطبيق عملياً، خاصة وأنها تحتاج إلى ترتيبات تشمل دول عدة بما فيها الولايات المتحدة إلى جانب حلفاء النظام، كما يتطلب تنفيذها صفقة لا تبدو في الأفق.

ويقول في تعليقه على هذه المعلومات ل”أورينت نت”: لنفترض أن هذه الدول وافقت على هذه الخطة فإن السؤال الذي يطرح نفسه ما هو المقابل الذي ستقدمه تركيا.

ولا يرى كوش أن عدول أنقرة عن تنفيذ عملية عسكرية جديدة في شمال سوريا سيكون مقابلاً مرضياً للأطراف الأخرى مقابل الموافقة على هذه الخطة التي يصفها بأنها قد تكون “متوهمة”.

ويضيف: منطقة منزوعة السلاح بهدف عودة اللاجئين أو النازحين إليها تحتاج نقل الملف للأمم المتحدة واستصدار قرار دولي بفرض حظر للطيران فوقها، ناهيك عن أنه من غير الوارد أن تتنازل الدول المتداخلة عن نفوذها لتركيا بهذه السهولة.

لكن وإلى جانب التأكيد على أن المطلوب من ناحية أنقرة ليس تغيير الواقع الجيواستراتيجي في هذه المناطق المقترحة بالخطة، فإن الحكومة التركية ترى أن الابقاء على التهديد بشن عملية عسكرية جديدة في الشمال قائماً، والاستعداد الجدي من أجل تنفيذها هو الضامن الوحيد الذي لن تتخلى عنه بأي حال، كما تقول المصادر، وهو ما أبلغت به دمشق وموسكو وطهران.

وحول إمكانية أن تلجأ أنقرة إلى هذا الخيار بالفعل، تقول المصادر إن هذا يتوقف على مدى استجابة النظام للمطالب والتوقعات التركية بخصوص مخاوفها الأمنية من ناحية، وتعاونه معها في مسألة عودة اللاجئين للمناطق التجريبية حسب الخطة المقترحة، مشيرة أن روسيا لم تتدخل حتى الآن في مضمون المفاوضات بين الجانبين بل اقتصر دورها حتى الآن على تيسيرها.

تؤكد المصادر المقربة من حزب العدالة والتنمية التركي أن قطار التطبيع بين أنقرة ودمشق الذي انطلق ماض في طريقه وفق خطوات بطيئة لكنها ثابتة وتخضع للدراسة والتقييم، لكنها تؤكد أن ملفي الإرهاب وعودة اللاجئين سيكونان حاسمين في النهاية وقد يؤثر عرقلة أي منهما على إنجاز التطبيع الكامل في الوقت المحدد له والذي يفترض أن يكون مع نهاية العام الحالي، وهو ما يجعل روسيا وإيران متابعتين عن كثب للمحادثات بين الجانبين بهدف ضمان نجاحها.

مشاركة الخبر