حتى تعلم ما يقال في الخطبة! ترجمة خطبة الجمعة الى اللغة العربية في عموم مدن تركيا.. التَّارِيخُ:03.02.2023
عنوان الخطبة – شُرُوطُ الْإِيمَانِ : اَلْعَمَلُ الصَّالِحُ ، وَالْأَخْلَاقُ الْحَمِيدَةُ
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْأَفَاضِلُ!
اَلشَّرْطُ الْأَسَاسِيُّ لِنَيْلِ رِضَى رَبِّنَا الْعَظِيمِ وَالْخَلَاصُ الْأَبَدِيُّ هُوَ الْإِيمَانُ. اَلْإِيمَانُ هُوَ التَّصْدِيقُ مِنْ صَمِيمِ الْقَلْبِ بِوُجُودِ اللَّهِ وَوَحْدَانِيَّتهِ، وَأَنْبِيَائِهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَأَنَّ اَلْقَضَاءَ وَالْقَدَرَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. اَلْإِيمَانُ هُوَ أَيْضًا صِدْقُ الْإِنْسَانِ لِرَبِّهِ وَوَعْدُهُ بِالْوَلَاءِ لَهُ. إِنَّهَا اَلرَّغْبَةُ فِي الْعَيْشِ فِي أَمَانٍ وَسَلَامٍ.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَعِزَّاءُ!
مُؤَشِّرُ الْإِيمَانِ وَانْعِكَاسُهُ عَلَى الْحَيَاةِ هُوَ عَمَلٌ صَالِحٌ. اَلْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ هِيَ إِظْهَارُ الْوَفَاءِ لِعَهْدِ الْعُبُودِيَّةِ الَّذِي نُعْطِيهِ بِالْإِيمَانِ وَالْخُضُوعِ لِلَّهِ بِكُلِّ كِيَانِنَا. فَإِنَّهُ يَعْكِسُ إِيمَانَنَا فِي جَوْهَرِنَا، فِي قَوْلِنَا، فِي سُلُوكِنَا. هُوَ أَنْ نَعِيشَ فِي سَلَامٍ مَعَ أَنْفُسِنَا وَعَائِلَتِنَا وَبِيئَتِنَا. فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى اَلْإِيمَانَ وَالْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ مَعًا وَبَشَّرَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُجْمِلُونَ إِيمَانَهُمْ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:” إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا “[1].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْكِرَامُ!
مَا يَصِلُ بِإِيمَانِنَا إِلَى الْكَمَالِ هِيَ الْأَخْلَاقُ الْحَمِيدَةُ ، اَلَّتِي هِيَ أَهَمُّ مَا يُمَيِّزُ الْمُؤْمِنَ. وَالْأَخْلَاقُ الْحَمِيدَةُ هِيَ أَعْظَمُ مِيرَاثٍ تَرَكَهُ الْأَنْبِيَاءُ لِأُمَّتِهِمْ بَعْدَ الْوَحْيِ. وَإِنَّ التَّخَلُّقَ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَالتَجَنُّبَ رَذَائِلَهَا هِيَ مَسْؤُولِيَّةٌ لَا غِنًى عَنْهَا لِلْمُؤْمِنِ. وَيَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَحَدِ أَحَادِيثِهِ: “أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا”[2].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْأَعِزَّاءُ!
يَقُولُ رَبُّنَا جَلَّ جَلَالُهُ :” وَاِنَّكَ لَعَلٰى خُلُقٍ عَظ۪يمٍ”[3]. نَحْنُ أُمَّةُ نَبِيٍّ أُثْنِيَ عَلَيْهِ وَأَرْسَلَ لِإِتْمَامِ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ. لِذَلِكَ، مِثْلُ نَبِيِّنَا الْحَبِيبِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )، اَلَّذِي نَتَشَرَّفُ بِأَنْ نَكُونَ أُمَّتَهُ،[4] دَعُونَا نَسْعَى جَاهِدِينَ لِعَكْسِ إِيمَانِنَا فِي كُلِّ جَانِبٍ مِنْ جَوَانِبِ حَيَاتِنَا وَأَنْ نَتَبَنَّى قِيَمَهُ الْأَخْلَاقِيَّةَ الْعَظِيمَةَ. وَإنْعِكَاسُ الْإِيمَانِ فِي الْحَيَاةِ الْأُسَرِيَّةِ هُوَ الْعِفَّةُ وَاللُّطْفُ وَالْحُبُّ وَالْمَرْحَمَةُ. وَهُوَ تَجَنُّبُ إِيذَاءِ وَجَرْحِ بَعْضِنَا الْبَعْضِ. وَإنْعِكَاسُ الْإِيمَانِ فِي الْحَيَاةِ التِّجَارِيَّةِ هُوَ الصِّدْقُ وَالْأَمَانَةُ. إِنَّهُ عَدَمُ أَخْذِ مَا لَيْسَ مِنْ حَقِّكَ، وَإِعْطَاءُ الْحَقِّ بِالْكَامِلِ لِمَنْ يَسْتَحِقُّهُ. وَإنْعِكَاسُ الْإِيمَانِ فِي الْحَيَاةِ الاِجْتِمَاعِيَّةِ هُوَ الاِحْتِرَامُ وَالثِّقَةُ. إِنَّ إنْعِكَاسَ الْإِيمَانِ فِي الْحَيَاةِ التَّعْلِيمِيَّةِ هُوَ الْعَمَلُ بِمَا تَعْرِفُهُ، وَاسْتِخْدَامُ مَعْرِفَتِكَ وَخِبْرَتِكَ لِصَالِحِ النَّاسِ. إِنَّهُ النِّضَالُ مِنْ أَجْلِ تَرْبِيَةِ أَجْيَالٍ صَالِحَةٍ. بِاخْتِصَارٍ، إنَّ إنْعِكَاسَ الْإِيمَانِ فِي حَيَاتِنَا هُوَ اِتِّبَاعُ أَوَامِرِ اللَّهِ بِدِقَّةٍ وَالنَّظَرِ إِلَى الْمَخْلُوقَاتِ الَّتِي خَلَقَهَا بِرَحْمَةٍ .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَفَاضِلُ!
يَقُولُ رَبُّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي الْآيَةِ أَنَّهُ سَيُكَافِئُ الْمُؤْمِنِينَ اَلَّذِينَ سَيَأْتُونَهُ بِالْإِيمَانِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ بِأَجْرٍ عَظِيمٍ : ” وَمَنْ يَأْتِه۪ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَاُو۬لٰٓئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلٰىۙ”[5]. لِذَا، دَعُونَا نَجْعَلُ هَذِهِ الْأَشْهُرَ، حَيْثُ يُقْبِلُ رَمَضَانَ، مُنَاسِبَةً لِبِدَايَاتٍ جَيِّدَةٍ . دَعُونَا نَتَخَلَّى عَنْ أَعْمَالِنَا الَّتِي لَا تَتَوَافَقُ مَعَ إِيمَانِنَا. وَدَعُونَا نُحَاسِبُ أَنْفُسَنَا قَبْلَ أَنْ نُهَاجِرَ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا. وَدَعُونَا نُتَوِّجُ إِيمَانَنَا بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَالْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ. دَعُونَا لَا نَنْسَى أَنَّهُ عِنْدَمَا نُوضَعُ فِي الْقَبْرِ، فَإِنَّ الْجَمِيعَ وَكُلَّ شَيْءٍ سَوْفَ يَذْهَبُ، وَسَنُتْرَكُ وَحْدَنَا مَعَ إِيمَانِنَا وَالْأَعْمَالُ اَلَّتِي قُمْنَا بِهَا فَقَطْ[6].
أُنْهِي خُطْبَتِي بِالدُّعَاءِ اَلتَّالِي لِنَبِيِّنَا ( صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ): “اَللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكُ صِحَّةَ إِيمَانٍ وَإِيمَاناً فِى خُلُقٍ حَسَنٍ وَنَجَاحاً يَتْبَعُهُ فَلاَحٌ”[7].
[1] سُورَة الْكَهْفِ ، 18 / 30
[2] أَبُو دَاوُد ، كِتَابُ السنةٍ ، 15
[3] سُورَة اَلْقَلَمِ ، 68 / 4
[4] اِبْنُ الْحَنْبَلِ ، اَلْجُزْء الثَّانِي ، 381
[5] سُورَة طه ، 20 / 75
[6] بُخَارِي ، كِتَابُ الرَّقَائِقَ ، 42
7اِبْنُ الْحَنْبَلِ ، الْجُزْءَ الثَّاني ، 321
اَلْمُدِيرِيَّةُ العَامَّةُ لِلْخَدَمَاتِ الدِّينِيَّة