ترجمة خطبة الجمعة في تركيا تاريخ اليوم 03.03.2023
التَّارِيخُ:03.03.2023
اَلْمُسْلِمُونَ هُمْ أَمَلُ بَعْضِهِمُ الْبَعْضِ
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْأَفَاضِلُ!
نَحْنُ نُدْرِكُ الْأَشْهُرَ الثَّلَاثَةَ، وَالَّتِي لَهَا قِيمَةٌ خَاصَّةٌ بِالنِّسْبَةِ لَنَا . فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي تَرْبِطُ الْإِثْنَيْنِ الْمُقْبِلِ بِالثُّلَاثَاءِ، آمُلُ أَنْ نَصِلَ إِلَى لَيْلَةِ الْبَرَاءَةِ الْمَلِيئَةِ بِالْحِكْمَةِ وَالْبَرَكَاتِ. طُوبَى لِلَيْلَةِ الْبَرَاءَةِ الَّتِي هِيَ فُرْصَةٌ عَظِيمَةٌ لِتَبْرِئَتِنَا مِنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْأَخْطَاءِ الَّتِي تُؤْذِي أَرْوَاحَنَا، وَمِنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الشَّرِّ الَّتِي لَا تَلِيقُ بِالْغَرَضِ مِنْ خَلْقِنَا وَرِضَا رَبِّنَا. لِيَجْعَلَ رَبُّنَا الْقَدِيرُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ الْمُبَارَكَةَ، اَلَّتِي يُقَسَّمُ فِيهَا كُلُّ عَمَلٍ حَكِيمٍ بِوَاسِطَتِهِ، عَزَاءُ وَوَسِيلَةُ رَجَاءٍ لِمُسْتَقْبَلِنَا، وَلِقُلُوبِنَا الْحَزِينَةِ بِسَبَبِ الزِّلْزَالِ، وَلِأَفْئِدَتِنَا الْمُتَأَلِّمَة.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَعِزَّاءُ!
فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ دَلِيلُنَا لِلْحَيَاةِ يَقُولُ رَبُّنَا تَعَالَى:
“وَلَا تَا۬يْـَٔسُوا مِنْ رَوْحِ اللّٰهِۜ” . نَعَمْ، لَا مَكَانَ لِلْيَأْسِ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيَلْجَأُ إِلَيْهِ. لِأَنَّ الْأَمَلَ هُوَ الَّذِي يُبْقِي النَّاسَ عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ. اَلْأَمَلُ فِي الْخَيْرِ وَالْجَمِيلِ هُوَ مَا يَرْبِطُهَا بِالْحَيَاةِ. فَالْأَمَلُ لَيْسَ هُرُوبًا مِنَ الْوَاقِعِ أَبَدًا. عَلَى الْعَكْسِ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْأَمَلَ هُوَ الْاِعْتِمَادُ عَلَى اللَّهِ بِخُضُوعٍ كَامِلٍ، وَالتَّشَبُّثُ بِالْمُثَابَرَةِ بِحَزْمٍ، وَالْإِخْلَاصُ لِلْحِكْمَةِ . إِنَّ الْوُقُوفَ بِتَصْمِيمٍ دُونَ نِسْيَانِ آلَامِ الْمَاضِي هُوَ اِسْتِدْعَاءُ الْمُسْتَقْبَلِ إِلَى الْحَاضِرِ. وَبِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ مَدَى عَظَمَةِ مَتَاعِبِنَا وَبِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ مِقْدَارِ مَشَاكِلِنَا، فَإِنَّ اَلْأَمَلَ هُوَ اللُّجُوءُ إِلَى رَحْمَةِ وَغُفْرَانِ رَبِّنَا، الْخَالِقِ الْوَحِيدِ لِلْكَوْنِ. اَلْأَمَلُ هُوَ أَنْ نَتَنَفَّسَ بِنِعْمَةِ وَبَرَكَاتِ مَوْلَانَا الْقَدِيرِ، اَلَّذِي لَدَيْهِ الْحِكْمَةُ وَالْقُوَّةُ اَلَّتِي لَا تَتْرُكُ شَيْئًا دُونَ مُرَاقَبَةٍ فِي عَالَمِ الْوُجُودِ ، وَأَنْ نَجِدَ السَّلَامَ وَالْأَمْنَ .
أَيُّهَا إِخْوَةٌ الْأَعِزَّاءُ!
اَلْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِنَفْسِ الْإِلَهِ وَنَفْسِ النَّبِيِّ وَنَفْسِ الْكِتَابِ، وَالَّذِينَ يَلْجَؤُونَ إِلَى نَفْسِ الْقِبْلَةِ هُمْ أَمَلُ بَعْضِهِمُ الْبَعْضِ. فَكُلُّ مُسْلِمٍ يَعْرِفُ أَلَمَ أَخِيهِ عَلَى أَنَّهُ أَلَمُهُ. وَيَرَى حُزْنَ أَخِيهِ كَحُزْنِهِ. وَبِهَذَا الْوَعْيِ، هُوَ مَعَ أَخِيهِ الَّذِي فِي ضِيقٍ. فَيَلْمِسُ رُوحَهُ الْمُضْطَرِبَةَ وَيَشْفِي قَلْبَهُ الْغَرِيبَ. وَالْيَدُ الْحَنُونَةُ الَّتِي تُمَدُّ إِلَى الطِّفْلِ الْيَتِيمِ وَاللَّطِيمِ، اَلْمُؤْتَمَنُ عَلَى أَخِيهِ تُصْبِحُ حَامِيَةً تَأْخُذُهُ تَحْتَ جَنَاحَيْهِ.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَفَاضِلُ!
نَحْنُ نُؤْمِنُ أَنَّ كُلَّ لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ لَهَا صَبَاحٌ مَشْرِقٌ. بِإِذْنِ اللَّهِ ، سَتَنْتَهِي الْمَتَاعِبُ الَّتِي نَمُرُّ بِهَا. إِنَّ أُمَّتَنَا الَّتِي تَتَحَمَّلُ الْمَصَاعِبَ بِقَوْلِهَا : “ حَسْبُنَا اللّٰهُ وَنِعْمَ الْوَك۪يلُ, نِعْمَ الْمَوْلٰى وَنِعْمَ النّص۪يرُ “ سَوْفَ تَتَغَلَّبُ دَائِمًا عَلَى هَذِهِ الْأَيَّامِ مُسْتَمِدَّةً قُوَّتَهَا مِنْ حُبِّهَا وَثِقَتِهَا بِاللَّهِ. طَالَمَا نُعَلِّقُ الْأَمَلَ وَالثِّقَةَ وَالْوَحْدَةَ وَالتَّضَامُنَ وَالْمَحَبَّةَ وَالْإِخْلَاصَ كَشَرْطٍ مِنْ مُتَطَلَّبَاتِ إِيمَانِنَا . وَلِنَسْعَى جَاهِدِينَ لِلتَّغَلُّبِ عَلَى هَذِهِ الْأَيَّامِ الصَّعْبَةِ مِنْ خِلَالِ الْاِتِّكَالِ عَلَى رَبِّنَا وَالثِّقَةِ بِأَنْفُسِنَا وَمُسَاعَدَةِ الْإِخْوَةِ .
أُنْهِي خُطْبَتِي بِالدُّعَاءِ التَّالِي اَلَّذِي عَلَّمَنَا إِيَّاهُ النَّبِيُّ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ):” اَللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِى إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِى إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِى إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ” .