شراءها أرخص من تسخينها.. تجارة المياه الساخنة تغزو أسواق دمشق
تشهد العاصمة السورية دمشق في الفترة الأخيرة انتشارًا غير مسبوق لظاهرة بيع المياه الساخنة وتوصيلها للمنازل في بعض الأحياء، وذلك نتيجة لارتفاع مستوى قطع الكهرباء التي تصل إلى أكثر من 20 ساعة يومياً. هذا الوضع أجبر السكان على البحث عن بدائل لتدفئة المياه، حيث أصبحت تشغيل سخانات المياه الكهربائية أمرًا مستحيلاً.
في حديثه لصحيفة “العربي الجديد”، كشف مدرس اللغة العربية “خضر محمد” عن انتشار خدمة توصيل المياه الساخنة إلى المنازل منذ عامين، خاصة في أحياء “ركن الدين والبرامكة والمزرعة”، التي تعتبر من الأحياء ذات “المرتبة الثانية” من حيث وصول التيار الكهربائي.
وتظهر الاختلافات الواضحة في توزيع الكهرباء بين الأحياء، حيث يحظى سكان الأحياء ذات “المرتبة الأولى” مثل حي المهاجرين وأبو رمانة بثلاث ساعات من التيار الكهربائي مقابل قطع ثلاث ساعات، في حين يحصل سكان الأحياء ذات “المرتبة الثانية” على ساعة فقط من التيار مقابل قطع ثلاث ساعات.
أما أحياء المرتبة الثالثة في دمشق مثل “برزة والتضامن”، فيعاني سكانها من انقطاع التيار لمدة خمس ساعات مقابل ساعة واحدة من التيار، وذلك بعد تغيير سياسة وزارة الكهرباء بكسر قاعدة الثلثين إلى ثلث، أي أربع ساعات قطع مقابل ساعتين وصل.
وفي ظل هذه الأوضاع، يجد سكان الريف الدمشقي الكهرباء تصل إليهم لساعة واحدة فقط خلال اليوم، مما يضطرهم إلى اللجوء إلى بيوت أقاربهم للاستحمام، نظرًا لعدم قدرتهم المالية على الاشتراك بنظام الأمبيرات أو دفع ثمن الماء الساخن، الذي يصل سعر اللتر منه إلى 450 ليرة سورية، بدرجة حرارة 80 درجة مئوية، وتنخفض الأسعار مع زيادة الكمية، حيث يصل سعر 25 لترًا إلى 10 آلاف ليرة.
وفي ظل هذه الأزمة، ظهرت شركات متخصصة تقدم خدمة توصيل المياه الساخنة إلى المنازل عبر غالونات، ما يعتبر بديلًا لسخانات المياه الكهربائية. وعلى صعيد الاشتراكات الشهرية، يؤكد المدرس “خضر محمد” أن التوصيل الشهري يعتبر الأقل سعرًا، حيث يمكن للمشترك الحصول على 15 لترًا من المياه الساخنة لمدة 30 يومًا بسعر 120 ألف ليرة سورية.
يعيش السوريون منذ عشر سنوات في ظل نقص الوقود وارتفاع أسعاره، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. ورغم الصعوبات التي يواجهها الأفراد، إلا أنهم يظلون يبحثون عن حلول بديلة لتلبية احتياجاتهم الأساسية مثل الاستحمام بالمياه الساخنة، وهو ما يعكس مدى مرونة وإصرار الشعب السوري على التكيف مع التحديات الصعبة.