من الدولة الأكثر تأثيراً في سورية؟ يعتقد كثير من الروس أن روسيا تستطيع التأثير على ما يحصل في الدول العربية على الأقل من الناحية السياسية وحل القضايا الإقليمية، وما يخص سورية لا شك أن روسيا ثبتت أقدامها ولكن يعمل الى جانبها منافسين آخرين، على رأسهم الولايات المتحدة، التي يبدو أنها مهتمة بقضايا الشرق الأوسط ولكن بطريقتها، فقد تركت ليبيا والعراق أطلالاً، فالعرب عندما عاشوا في ظل الدكتاتورية، صدام حسين والقذافي كان الوضع لمعيشتهم أفضل بكثير من الآن.
ويبدو أن الوضع في سورية لا يختلف عن ذلك. على الرغم من الجهد الروسي في سورية، فما زالت الولايات المتحدة الأكثر تأثيراً حالياً في الوضع السوري منه في العراق، ولكن ذلك يمكن أن يتغير بين لحظة وأخرى آخذين بعين الاعتبار سياسة ترامب الراغبة بسحب قواته منها.
أما الوضع مع إيران فهو مختلف فهذا البلد يبدو وكأنه حليف، فقد حققت روسيا كثيراً من النجاح بفضل القوات الموالية لإيران، وكانت التكاليف محصورة بالنفقات على الجيش، لأن إيران كانت مسؤولة عن إطعام وإلباس نصف سورية بما فيها الأسد، ولكن من الغباء الاعتقاد بأن إيران لا تريد المقابل، الكثير غير راض الطموح الإيراني ومنها إسرائيل والولايات المتحدة، ولكن ماذا عن روسيا؟
الكل يعرف أن تنامي النفوذ الإيراني سيؤدي إلى تقليص النفوذ الروسي، مما دفع روسيا لممارسة بعض الضغط على إيران من حيث تقليص قواعدها في سورية وسحب قواتها من الحدود الجنوبية لسورية، هنا يمكن القول بداية تنافس الحلفاء، والجدير بالذكر بأن روسيا اغفلت لحظة هامة وهي أنه في وقت انشغالها بالمحادثات مع إسرائيل والولايات المتحدة لتسوية الأوضاع في سورية، كانت إيران تزيد من التدخل في الشأن السوري، مما أدى الى زيادة النفوذ الإيراني اكثر من الروسي، وهذا ما أشار اليه الخبراء الأتراك في مركز اسطنبول المستقل للاقتصاد والسياسة الخارجية الانتباه إلى هذا الأمر في تقريرهم، حيث قالوا ان الخلاف الروسي الإيراني سيدوم لبعض الوقت، وتجدر هنا الإشارة الى أن الأسد مواليا لإيران بنسبة 90%، وتسعى روسيا لخلق ثقل مواز لذلك، وارتأت في سهيل الحسن الرجل المناسب، فهو مشهور داخل وخارج سورية، سميت بـ “قوات النمور”. نسبة له كان مع قواته متقدما على الجميع، كانوا دائما أول من يخاطر تحت الرصاص، وتعامل مع المهام بشكل أفضل من الآخرين.
اقرأ أيضاً: إجراء جديد في القنصليات السورية بالخارج حول الدخول والمغادرة للسوريين
بدأ القلق على ما يبدو لدى الأسد من نمو نفوذ النمر. لذلك، ولم يعد سهيل ضرورياً لاقتراب السلام، والأغرب أنه استبعد ولم يعيَّن في أي منصب هام تقديراً لجهوده. ولكن يبقى النمر في موقع اهتمام روسي لأنهم يرون فيه بديلاً للأسد وهنا ليس المقصود أن يكون الرجل الأول ولكن يمكن أن يكون قائدا للجيش المحدَّث الذي يسعى فيه المستشارون الروس لإعادة بنائه ولكن اين ذلك من الواقع؟
شارك في التعليق على ذلك المستشرق والعالم السياسي الروسي اوليغ غوشين قائلاً: إن ما يجري هو شيء منطقي لأنه في النهاية تحتاج روسيا لرجل لها في سورية، لأن روسيا تعمل ضمن تحالف تركي إيراني روسي، أما الولايات المتحدة فهي تفعل ما تريد تحت مسمى الائتلاف الذي ترأسه دون مشورة أحد، الأسد بدأ يشعر بالاستقلال وينوِّه الى أخطاء موسكو، استطاعت موسكو بشكل مثير للانتباه جمع الأتراك والإيرانيين على طاولة واحدة للتعاون، عدا عن الشريك الرابع غير المعلن وهو إسرائيل وكل طرف يريد شيئاً من سورية فإسرائيل لا ترغب في استخدام إيران للأراضي السورية كقاعدة ضدها وحدود آمنة في الجولان، أما أردوغان الحالم بالإمبراطورية فيسعى لحل القضية الكردية للحفاظ على أمن تركيا القومي.
ولكن ماذا تريد إيران؟ الواقع إن إيران تريد عكس ما تريده إسرائيل وهذه مشكلة بالنسبة لروسيا، فروسيا بحاجة للدولتين، لا شك أن إيران منافس لروسيا في سورية وهذه حقيقة، وتابع العالم السياسي قوله: على الجميع أن يفهموا أن الأسد ليس ضعيفاً، ويستطيع اتخاذ قراراته وأحياناً بما لا يرضي روسيا وإيران، ولكن بحكم العلاقة مع إيران التي أطعمته والبسته فهو مضطر للاستماع اليها وتنفيذ ما تمليه عليه وإن كان ليس بشكل كامل، وهذا واقع تدركه روسيا، من هنا يبدو لروسيا أن إقامة توازن بينهما شيئاً منطقياً. ولدى سؤال العالم السياسي عن كيفية وضع سهيل الحسن الرجل الأول؟ أجاب ليس بالضرورة الأول فيكفي أن يكون قائداً للجيش فسيكون الرجل الثاني وهذا كاف للحفاظ على مصالح روسيا والأفضل أن يكون الثاني أردف قائلاً.
المصدر: السورية نت