بينما تستمر عملية إسرائيل في غزة منذ شهور على حساب حياة عشرات الآلاف من المدنيين، أثارت “الأبقار الحمراء” التي قيل إنه تم إحضارها من الولايات المتحدة إلى إسرائيل جدلاً واسعاً.
ما معنى هذه الأبقار التي يُقال إنها ستُستخدم في “طقوس التطهير” بالنسبة للقدس والمسجد الأقصى؟.
مع تصاعد التوتر في الشرق الأوسط مع حرب غزة، ظهر جدل جديد مع إحضار الأبقار الحمراء إلى إسرائيل.
في عام 2022، تم جلب هذه الأبقار من ولاية تكساس الأمريكية إلى إسرائيل وتم نشر صورها على وسائل التواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة. ويُزعم أنها ستُقدم كقربان تلبية لنبوءة تُبشر ببناء الهيكل الثالث في القدس.
ترغب بعض الجماعات اليهودية المتطرفة في “بناء ثالث” الهيكل اليهودي القديم الذي تم تدميره مرتين سابقًا، على تلة المعبد، وهي المنطقة التي تضم اليوم قبة الصخرة والمسجد الأقصى، وهي ذات أهمية كبيرة للمسلمين.
تشهد القدس، وبالتحديد موقع المسجد الأقصى، واحدة من أكثر المناطق توتراً في العالم، حيث تتصادم الأديان والتاريخ والسياسة. وفي هذا السياق، تثير نبوءة بناء الهيكل الثالث في نفس الموقع مشاعر قوية بين الإنجيليين الأمريكيين والجماعات الدينية المتطرفة في إسرائيل.
يعتبر بناء الهيكل الثالث على موقع الهيكلين السابقين، الذي تضمن أيضًا المسجد الأقصى، جزءًا أساسيًا من النبوءة. بدأ الهيكل الأول تحت حكم الملك سليمان قبل أكثر من ألفي عام، فيما بناه الملك هيرودس فيما بعد. ومنذ ذلك الحين، ينتظر بعض اليهود الظهور المسيح للمساهمة في بناء الهيكل الثالث.
وفقًا للنبوءة، يجب على اليهود تطهير أنفسهم من الخطايا قبل أن يكون بناء الهيكل ممكنًا. وتشير التوراة إلى أهمية البقرة الحمراء في هذه الطقوس. وقد أثار اكتشاف بقرة تنطبق على هذه الشروط في تكساس وإحضارها إلى إسرائيل، جدلاً حول ما إذا كانت ستُذبح أم لا.
تشير النبوءة إلى أن موقع الهيكل الثالث هو نفس موقع المسجد الأقصى، الذي يُعتبر ثالث أقدس موقع في الإسلام بعد الكعبة. ومن أجل تحقيق هذه النبوءة، يجب هدم المسجد الأقصى.
على الرغم من أن احتمال هدم المسجد الأقصى ضعيف، إلا أن تحركات بعض مكونات الحكومة الإسرائيلية ودعم حلفائها الخارجيين القويين تثير القلق. يمكن أن تؤدي مثل هذه الخطوة إلى اضطرابات عميقة على المستوى الدولي، وتثير موجات من العنف.
ووصف حركة حماس جلب الأبقار بأنه “تنفيذ أسطورة دينية تهدف إلى مهاجمة الهوية العربية وطريق نبيها”. يُظهر هذا الرد التوترات الدينية والسياسية المتصاعدة في المنطقة.
تتصاعد حدة الجدل في إسرائيل وحول العالم بشأن فكرة بناء الهيكل الثالث على جبل الهيكل في القدس، وهو موقع يعتبر مقدسًا لكلٍ من اليهود والمسلمين. في حين يسعى البعض جاهدين لتحقيق هذه النبوءة الدينية، يرون آخرون فيها تهديدًا خطيرًا للسلام والاستقرار في المنطقة.
منذ فترة طويلة، تعمل مؤسسات مثل “معهد الهيكل” على بلورة خطط لبناء الهيكل الثالث. وقد تم إعداد خطط مفصلة للهيكل الجديد، ويُجرى العمل على حفريات “أثرية” حول المسجد الأقصى، يُعتقد أنها تهدف إلى تسهيل عملية البناء.
تُظهر استطلاعات الرأي عدم وجود اتفاق في إسرائيل حول بناء الهيكل الثالث. حيث يدعم فقط 30٪ من المواطنين البناء، بينما يعارضه 45٪، ويظل 25٪ غير متأكدين من موقفهم.
على الرغم من عدم وجود إجماع في الرأي العام، يُعتقد أن الائتلاف الحاكم في إسرائيل، بقيادة بنيامين نتنياهو، يؤيد بناء الهيكل الثالث. وأحد أحزاب الائتلاف الرئيسية هو “القوة اليهودية”، وهو حزب يميني متطرف يدعو إلى السماح لليهود بدخول الحرم القدسي.
تُعتبر “الكاهانية” أيديولوجية متطرفة ظهرت في السبعينيات على يد الحاخام “مئير كاهانا”، وتدعو إلى إقامة دولة يهودية دينية على كامل أرض إسرائيل، بما في ذلك الضفة الغربية وقطاع غزة.
يُعتبر “إيتمار بن غفير”، زعيم “القوة اليهودية” ووزير الأمن القومي الحالي في حكومة نتنياهو، من أشد المؤيدين لبناء الهيكل الثالث. ويُعرف “بن غفير” بخطابه المعادي للفلسطينيين، مما يثير مخاوف من تصاعد التوتر في المنطقة.
بالتأكيد، هناك دعم من وراء البحار لهذه الخطة. تدعم مجموعة في الحزب الجمهوري الأمريكي، بقيادة الشتات اليهودي والإنجيليين، بناء الهيكل الثالث بشكل مباشر.
وفقًا لمجلة Jewish Currents، التقى حوالي 40 سياسيًا جمهوريًا بأعضاء من حركة كاهان في إسرائيل منذ عام 2011. وشمل ذلك حاكم فلوريدا رون دي سانتيس، الذي برز كمرشح للرئاسة في الانتخابات الأخيرة، وجيم جوردان، أحد الشخصيات المهمة في مجلس النواب الأمريكي (الذي ترشح لرئاسة المجلس العام الماضي لكنه خسر)، والمتحدث الحالي للمجلس مايك جونسون، ونائب الرئيس السابق مايك بنس.
باختصار، لا تزال مسألة الهيكل الثالث هدفًا يفتقر إلى دعم واسع من الرأي العام في المجتمع الإسرائيلي، لكنه يتمتع بدعم كبير داخل الائتلاف الحالي وخارج البلاد.
على الرغم من أن هذا الموضوع يظل حركة هامشية في إسرائيل، إلا أن ذبح الأبقار الحمراء يمكن أن يثير غضب العالم الإسلامي بشكل خاص.
من منظور جيوسياسي، من المهم ملاحظة أن جرائم الحرب التي ارتكبت خلال العمليات التي استمرت لعدة أشهر وضعت إسرائيل في موقف صعب بالفعل.
مع تجاوز إسرائيل للعديد من الخطوط الحمراء، سترغب في القضاء على جميع الهياكل التي تعتبرها أعداء لها. ومع ذلك، فهي بحاجة إلى الدعم الكامل من الولايات المتحدة للقيام بذلك.
في هذا السياق، يمكن لكهانات مثل الأبقار الحمراء أن تحظى بدعم الإنجيليين الأمريكيين بينما ترسل رسالة تهديد إلى الدول المجاورة.