إن ظروف سياسات الولايات المتحدة وإيران وإسرائيل وفلسطين ولبنان ترسم صورة مقلقة للأشهر المقبلة.
غيوم الحرب في الشرق الأوسط تزداد كثافة إذ يؤدي التداخل المقلق للظروف إلى مواجهة محتملة بين محور (إيران ونظام اﻷسد وحزب الله وبعض الميليشيات الشيعية العراقية) وحلف شمال الأطلسي (الولايات المتحدة وإسرائيل وبعض الدول العربية).
إن العنصر الأول هو قيام الولايات المتحدة باستعراض عضلاتها ضد إيران بالانسحاب من الصفقة النووية وتشديد العقوبات والتوقف عن منح إعفاءات نفطية وهي خطوات تهدف إلى إشعال انهيار الاقتصاد الإيراني.
لقد صنفت واشنطن فيلق الحرس الثوري الإسلامي (IRGC) ككيان إرهابي في خطوة غير مسبوقة، وعلى الرغم من أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلافاً لمستشاريه لا يريد صراعاً آخر إلا أنه يتطلع إلى النجاح في المكان الذي فشل فيه جميع أسلافه: وقف معارضة إيران للسياسات الأمريكية في المنطقة، لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
مطالب الاستسلام
إن سياسة الولايات المتحدة ضد إيران ليست -كما كان متوقعاً في البداية- تنفيذ “فن الصفقة” الذي وضعه ترامب، والذي يهدف إلى الحصول على مزيد من القوة فالإدارة الأمريكية لا تبحث عن صفقة أفضل.
ويمكن لإيران المنعزلة اللجوء إلى خياراتها النووية الحقيقية: حصار لمضيق هرمز أو الانسحاب من الاتفاق النووي.
وتشمل المطالب الأمريكية وقف تخصيب اليورانيوم وتطوير الصواريخ الباليستية والانسحاب من سوريا وإنهاء الدعم لحزب الله والحوثيين في اليمن ونزع سلاح الميليشيات الموالية لإيران في العراق ووقف جميع التهديدات ضد إسرائيل.
على الرغم من نوايا قادة البلدين فقد يقترب الوضع من نقطة اللاعودة، لقد تم الترويج لهذا الهدف بشكل منهجي وبلا هوادة من قِبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي تعتبر إعادة انتخابه قطعة أخرى من هذا اللغز المقلق، وإذا لم يتم إيقافه، فسوف يستمر نتنياهو في تعزيز هذه الإستراتيجية حيث إن حلمه هو في النهاية القضاء على التهديدات في أي مكان في المنطقة ولتحقيق ذلك فهو مستعد لتغيير الطبيعة الديمقراطية لبلده.
سوريا وحزب الله
إن سوريا هي الجزء التالي من اللغز حيث تم تغيير مسار ترامب في الانسحاب على افتراض أن الحفاظ على الوجود العسكري الأمريكي في البلاد يمكن أن يمنع توحيد الهلال الشيعي من طهران إلى بيروت المنبثق من سوريا.
تماشياً مع التصميمات السابقة المنسوبة للسياسة الأمريكية الإسرائيلية في المنطقة فإن بقاء تنظيم الدولة في شرق سوريا يمكن أن يكون مفيداً لكي تمنع الولايات المتحدة إعطاء الضوء الأخضر الحاسم للمؤسسات المالية الدولية الكبرى لدعم إعادة إعمار البلاد، حيث إن العقوبات المتزايدة ضد إيران تقوض النظام السوري بشدة.
قطعة أخرى من اللغز تخص حزب الله، وفي الوقت الذي تعزز فيه واشنطن الضغط السياسي والمالي على المجموعة ويحد لبنان من كارثة اقتصادية أصدر زعيم حزب الله حسن نصر الله تصريحات مقلقة تشير إلى احتمال تجدد الصراع مع إسرائيل هذا الصيف.
العنصر الأخير من الفسيفساء هو “صفقة القرن” «الإسرائيلية – الفلسطينية» المراوغة ، المتوقعة بعد رمضان، فمن المرجح دفن حل الدولتين وإضفاء الطابع الرسمي على القرارات الأمريكية بشأن القدس ومرتفعات الجولان.
يمكن أن يكون الأردن هو الضحية الرئيسية لهذه التسوية بعد الفلسطينيين حيث إن الصفقة المنحازة تجاه إسرائيل يمكن أن تغذي موجة جديدة من العنف في الأراضي المحتلة وفي أماكن أخرى.
الحرب الهجينة
قد يشهد هذا الصيف ذروة كل هذه المكونات والتي قد تدفع تحالف الخليج السني المعروف باسم “الناتو العربي” إلى تصعيد الأمور قبل أن يفوت الأوان أو أن يصبح مكلفاً للغاية دحر توازن القوى الإقليمي المتغير الذي كان قيد التنفيذ منذ 2003.
قد يتيح مزيداً من الوقت لإيران العثور على مخططات جديدة للتهرب من العقوبات، ويمكن لحزب الله أن يقوي نفسه بعد خسائر الصراع السوري ويمكن لقوة الأسد أن تندمج ببطء، وتُوسِّع من نطاقها الجغرافي، ويمكن للمجموعات الشيعية الموالية لإيران في العراق أن تختطف البلاد.
أي ردة فعل عنيفة على “صفقة القرن” يمكن أن تدار من قِبل إسرائيل بسهولة أكبر، بالإضافة إلى ذلك إذا لم يتم إعادة انتخاب ترامب يبدو أن معظم المرشحين الديمقراطيين حريصون على عكس الانسحاب من الصفقة النووية.
بالطبع ليس من المؤكد أن السعودية والإمارات العربية المتحدة يمكن أن تهدئا أسواق الطاقة عن طريق استبدال إنتاج النفط الإيراني، فالفوضى في فنزويلا وليبيا يمكن أن تعقد مهمتهما كما قد يستمر الربيع العربي في الجزائر والسودان.
المصدر: نداء سوريا