صحيفة تركية تتحدث عن السيناريوهات المحتملة في إدلب
أطلقت روسيا في ظل استمرار المفاوضات بينها وبين تركيا فيما يخص مدينة إدلب، ادعاءات أفادت بسعي الولايات المتحدة الأمريكية مع عدد من الدول الغربية إلى البحث عن ذرائع لتوجيه ضربات في سوريا، ممهدة لذلك بتخوفات من استخدام جديد للأسلحة الكيماوية.
هل تقوم أمريكا بضربة في سوريا؟ ما هي السيناريوهات المحتملة بالنسبة إلى إدلب؟ أسئلة أجابت عنها صحيفة حرييت التركية في لقاء خاص مع (إيرول بشاران) رئيس مركز الدراسات السياسية الخارجية ورئيس معهد البحوث التركية للأمن القومي.
مع استمرار المفاوضات فيما يخص إدلب، ادّعت روسيا أمس أنّ أمريكا وحلفاءها الغربيين يستعدون للتدخل في إدلب تحت ذريعة استخدام محتمل للأسلحة الكيماوية من قبل النظام، ما جدّية هذا الاستعداد؟
سجل الأسد حافل باستخدام غاز الكلور، وصرّحت كلّ من أمريكا وفرنسا وبريطانيا مؤخرا بإمكانية التدخل في إدلب في حال استخدم النظام الأسلحة الكيماوية، وبعد 4 أيام ادّعت روسيا أنّ غاز الكلور نٌقل بوساطة أمريكا وبريطانيا إلى منطقة جسر الشغور، وهنا يخطر ببالنا أمران:
الأول: هو أنّ أمريكا وقبيل انتخابات تشرين الثاني المقبلة تسعى من خلال هجمات شبيهة بهجمات التوماهوك السابقة في سوريا إلى بعث رسالة للشعب الأمريكي بأنّها لن تسمح باستخدام السلاح الكيماوي في أي بقعة من بقاع الأرض، وبالتالي رفع أسهم الإدارة الحالية.
الثاني: هو أنّ الأسد قد يستخدم بالفعل غاز الكلور في مدينة إدلب، ولهذا السبب وقبل البدء بالعملية يحيل الموضوع إلى بريطانيا وأمريكا، وبالتالي يزعم أنّ الولايات المتحدة الأمريكية هي من استخدمت غاز الكلور وليس هو.
وزيرا خارجية تركيا وروسيا على الرغم من الاختلاف في وجهات النظر تسعيان إلى حل القضية من خلال الجلوس على الطاولة، فهل برأيكم الاتفاقية التي بدأت في إطار مرحلة أستانة تتعرض لاختبارات على أرض الواقع؟
روسيا وإيران تزعمان بأنّهما لن يشعرا بالأمن والاستقرار ما لم تتم تصفية المجموعات المتطرفة في إدلب، وكذلك ما لم تتم السيطرة على عموم الأرضي السورية من قبل النظام، وفي المقابل تركيا لا ترغب بمعارك واشتباكات بالقرب من حدودها، فضلا عن كون موجة لجوء عقب القيام بعملية محتملة، وتعرّض الجنود الأتراك في إدلب لمخاطر يؤديان إلى قلق الجانب التركي، ولذلك تسعى تركيا بدلا من عملية عسكرية في المدينة إلى الوصول لحل بإقناع كافة المجموعات، وعلينا ألا ننسى أنّه وعلى الرغم من اختلاف وجهات النظر إلا أنّ تركيا تؤيد فكرة وحدة الأراضي السورية، والوصول إلى حل ينهي الصراعات في سوريا.
هل يمكن للأسد القيام بهجمة من دون الحصول على موافقة روسية، أو من دون التوصّل إلى تطابق مع تركيا؟
لا، والسبب خلف الحوارات الدبلوماسية التي بدأت بين وزيري الخارجية والدفاع التركيين ونظيريهما الروسيين تستمر من أجل مناقشة هذا الأمر بالذات، إذ كان وزير الخارجية (جاويش أوغلو) قد نوّه إلى أنّ عملية محتملة في إدلب ستؤدي إلى كارثة فعلية في المنطقة، مشددا في الوقت نفسه على ضرورة تنقية المنطقة من المجموعات الإرهابية، وفي المقابل أدلى وزير الخارجية الروسي بتصريح أكّد فيه على أنّ الخطط الجديدة تتضمن القضاء النهائي على الإرهاب، وهذان التصريحان المتقاربان يعطيان فكرة عن آلية الحل المرتقبة.
[ads2]
ما هي هذه الآلية؟
أرى أنّ تركيا وروسيا ستسمحان بعملية محدودة تستهدف المجموعات الإرهابية المتطرفة، بشرط عدم إلحاق الضرر بالمدنيين، وفيما بعد ستعملان على تحويل المجموعات المعتدلة إلى معارضة سياسية، ويرى المحللون أن قابلية الأسد في القيام بعملية محتملة في إدلب التي تتواجد فيها مجموعات مسلحة مختلفة، والملايين من النفوذ السكاني محدودة للغاية، وقيام الأسد بعملية برية من دون دعم روسي جوي سيجلب خسائر مادية كبيرة للنظام.
تقول التقارير الاستخباراتية إنّ تركيا ستشهد موجة لجوء لـ 250 ألف شخص في الحال القيام بعملية جديدة تستهدف إدلب، فهل تركيا باتت في مواجهة مباشرة لموجة لجوء جديدة؟
أظن الحل الأمثل في حال حدوث موجة لجوء جديدة هو إبقاء اللاجئين في مناطق يتم تأمينها على الحدود التركية-السورية، وتأمين الاحتياجات الضرورية لهم من مأكل ومشرب، وتكون تركيا بهذا الطريقة منعت تسرّب عناصر إرهابية مختبئة بين المدنيين إلى أراضيها، إذ لا بد من الوضع في الحسبان احتمالية تسرّب إرهابيين أجانب بين اللاجئين الذين قد يتوافدون إلى تركيا.
هل يمكننا القول بأنّ إدلب ستكون المنطقة الأكثر مأساوية في حال حدوث عمليات جديدة تستهدفها؟
في حال القيام بعملية واسعة فإنّ المعارك ستكون مكثفة قاسية للغاية، فإن أخذنا بعين الاعتبار تواجد ما يزيد عن 100 ألف مسلح في المدينة، فإنّ أي عملية تستهدف المدينة ستؤدي إلى كارثة فعلية كما أفاد وزير الخارجية جاويش أوغلو، وكذلك سنواجه خطر فقدان أعداد كبيرة من المدنيين، وذلك لكونهم سيبقون محصورين بين المجموعات المسلحة، وبالتالي الخسائر المدنية ستكون كبيرة للغاية.
[ads1]
هناك معلومات تفيد باحتمالية مشاركة عناصر من الوحدات الكردية في معارك إدلب، فهل هذا الأمر سيزيد من تعقّد الأمور؟
تهدف الوحدات الكردية التي فقدت مزيدا من المناطق عقب عملية عفرين، إلى التمركز في مناطق حدودية أخرى، بل وإنها تحاول من خلال المشاركة في عملية إدلب إلى تعويض خسارتها في عفرين، وتحلم باستعادة محتملة لمدينة عفرين في حال مشاركتها في عملية إدلب، والهدف الآخر من رغبة الوحدات الكردية من المشاركة في عملية إدلب، هو التطبيق الفعلي لرغبة أمريكا في تقريب الوحدات من النظام، وذلك لجعل الوحدات الكردية في المستقبل صاحبة كلمة وقرار فيما يخص مستقبل سوريا، والسبب الثالث هو الحصول على دعم شعبي من خلال إظهار نفسها على أنّها مجموعات فعالة في مواجهة التنظيمات المتطرفة مثل داعش وغيرها، وفي حال شاركت الوحدات في عملية محتملة في إدلب فإنّ هذه المشاركة ستزيد الفوضى في المنطقة بدلا من أن تسهم في إيجاد الحل.
ما أهمية إدلب بالنسبة إلى تركيا؟
الأهمية الأولى هي الأهمية الجغرافية، فهي منطقة تمتد على طول الخط الحدودي لتركيا، والأهمية الثانية تكمن في أنّ لتركيا جنودا متمركزين في المدينة، ولدى تركيا نقاط مراقبة يبلغ عددها 12 نقطة.
الأهمية الثالثة تكمن في أنها تحول دون تحقيق حلم الوحدات الكردية في الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط، وبالتالي تطبيق الحزام الإرهابي حول تركيا.