تحرك نوعي لمعاقبة الأسد خياران أمام بشار وروسيا والصين عاجزتان عن حمايته
أمهلت منظمة حظر الأسلحة الكميائية نظام أسد 90 يوما للإعلان عن “المنشآت التي جرى فيها تطوير وإنتاج وتخزين وإيصال الأسلحة الكيماوية المستخدمة في 24 و25 و30 مارس 2017″، وذلك عقب تقرير لمحققي المنظمة صدر في أبريل، أكد أن طياري أسد أسقطوا بطائرات سوخوي 22 وطائرة هليكوبتر قنابل تحتوي على الكلور السام وغاز السارين على بلدة اللطامنة في منطقة حماة في مارس 2017.
ويأتي إمهال نظام أسد للكشف عن مواقع أدوات الجريمة بعد يومين من جلسة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، قالت خلالها الممثلة السامية للأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح، إيزومي ناكاميتسو، إن المجتمع الدولي لا يمكنه حتى الآن أن يثق بشكل كامل بأن برنامج الأسلحة الكيميائية السوري قد تم القضاء عليه.
وأكدت ناكاميتسو، أن القضايا العالقة المتعلقة بإعلان نظام الأسد الأولي عن مخزونه من الأسلحة الكيماوية وبرنامجه لا يمكن اعتبارها “دقيقة وكاملة”، موضحةً أن التقييم الذي أجرته منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) عرضة “للثغرات والتناقضات التي لا تزال دون حل”.
وأشارت المسؤولة الأممية – وفقاً لميدل إيست مونيتور – إلى أن 19 قضية ما تزال معلقة فيما يتعلق بالعلاقات مع مخزون نظام أسد من الأسلحة الكيماوية، بما في ذلك منشأة إنتاج أسلحة كيماوية أعلن أنها لم تستخدم قط في الإنتاج.
وأضافت “مع ذلك، تشير مراجعة جميع المواد التي جمعها فريق تقييم الإعلانات منذ عام 2014، بما في ذلك العينات، إلى أن إنتاج و/ أو تسليح عوامل الأعصاب المستخدمة في الحرب الكيماوية قد حدث هناك”، مشيرة إلى أن نظام أسد لم يستجب بعد طلب الأمانة الفنية للإعلان عن الأنواع والكميات الدقيقة للعوامل الكيميائية المنتجة و/أو المُسلَّحة في الموقع. وشددت على أهمية محاسبة كل من استخدم الأسلحة الكيماوية.
وكانت هيومن رايتس ووتش أكدت في تقريرها لعام 2017 أن “هناك أدلة جديدة تدعم الاستنتاج بأن قوات أسد استخدمت غازات الأعصاب في أربع مناسبات على الأقل في الأشهر الأخيرة: في 4 أبريل/ نيسان 2017، في هجوم كيماوي على خان شيخون أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 90 شخصا، وفي ثلاث مناسبات أخرى في ديسمبر 2016 وآذار 2017”.
وعقب ارتكاب نظام أسد مجزرة الكيماوي في الغوطة الشرقية عام 2013، انضم إلى اتفاقية منع انتشار الأسلحة الكيماوية لتجنب عمل عسكري هددت به الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية بسبب الهجوم.
تحرك دولي أممي نوعي
وفقاً للمحامي السوري، عبد الناصر حوشان، فإن إمهال النظام ليس جديداً ولكن الجديد هو التحرك باتجاه الدفع بملف أسلحة النظام الكيماوية إلى مجلس الأمن وتطبيق القرارات ذات الصلة، مشيراً إلى أن النظام أعطي مهلة وانتهت العام الفائت دون أن يقدم شيئاً، وعليه هناك دفع لمعاقبته على جرائمه الكيماوية وفقاً لبنود قرار مجلس الأمن 2118 الصادر عام 2013 والمتعلق بأسلحة نظام أسد وإجباره على الكشف عن تفاصيل برنامجه الكيماوي بشكل كامل بما في ذلك ما بقي بمخزونه من أسلحة كيماوية، إضافة لإجباره على تسهيل عمل المنظمات المختصة وفرق تقصي الحقائق.
وعقب التقرير الأخير لفريق تحقيق منظمة حظر الأسلحة الكيماوية العام الفائت والذي أكد مسؤولية نظام أسد عن عدة هجمات في الشمال السوري (اللطامنة وخان شيخون) أمهلت المنظمة نظام أسد مهلة 90 يوماً للكشف عن أماكن نقل الأسلحة الكيماوية، وعليه أعطى مجلس الأمن المدير التنفيذي للمنظمة حق تقديم تقرير خاص عما قدمه النظام بعد 10 أيام من انتهاء المهلة الممنوحة له ليتم إيداعه في مجلس الأمن والأمم المتحدة لاتخاذ القرارات المناسبة.
لا تستطيع روسيا والصين إيقاف معاقبة أسد!
وتنص المادة 21 من قرار مجلس الأمن 2118 على أنه في حال لم يلتزم نظام أسد يتم اللجوء إلى العقوبات وفقاً للبند السابع، بحسب المحامي حوشان، والذي لفت إلى “ميزة مهمة” في هذا القرار، وتتمثل في أنه صدر بالإجماع عن أعضاء مجلس الأمن بمن فيهم روسيا والصين، اللتان أوقفتا معاقبة أسد في أكثر من مرة باستخدمها حق النقض (الفيتو).
ولفت حوشان في حديثه لأورينت نت إلى أن فريق التحقيق الأخير لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية مميز عن غيره من اللجان السابقة، بأنه من صلاحياته “تحديد الفاعل أو المسؤول عن الهجوم” وأصبح جزءاً من آلية تطبيق القرار 2118، وكان أكد في تحقيقه الأخير مسؤولية النظام عن هجوم اللطامنة وغيره بالدلائل (أسماء الطيارين الذين نفذوا الهجوم وأرقام الطيارات المستخدمة في الهجمات وغيرها).
عدا عن ذلك، فإن التحقيق أكد أن الغاز المستخدم في الهجمات هو غاز السارين وهذا مالا يمكن التسامح فيه، لأن هذا النوع من الغاز لا يمكن أن ينتجه ويمتلكه سوى نظام أسد في سوريا، .
خياران أمام أسد
في حال تم تقديم وتبني الملف لمؤتمر الدول الأطراف في معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية والمجلس التنفيذي للمنظمة، سيتحول إلى مجلس الأمن، وبالتالي سيكون نظام أسد أمام خيارين: الأول سيطالب بإثبات أنه غير مسؤول عن الهجمات كما يدّعي والتقرير يؤكد مسؤوليته عن هذه الهجمات، وبالتالي سيُعتبرُ مخلاً بالقرار 2118 (لم يتخل عن أسلحته الكيماوية).
والثاني يمكن أن يعترف النظام بوجود بعض الأسلحة وأنه تم استخدامها دون علم الرئيس (أي بشار) وهذا لن يجدي نفعاً لأن بشار هو القائد العام للجيش والقوات المسلحة وبالتالي هو المسؤول الأول عن استخدام أسلحة دقيقة وخطرة مثل السلاح الكيماوي.
وتشير الدلائل التي حصلت عليها المصادر إلى أن ماهر أسد، وهو الأخ الأصغر لبشار أسد، والذي يُعتبر على نطاق واسع ثاني أقوى شخص في سوريا، كان القائد العسكري الذي أمر مباشرة باستخدام غاز السارين في هجوم الغوطة في أغسطس 2013.
ومع ذلك، تشير إفادات الشهود المرفوعة مع الشكوى الجنائية إلى أن نشر الأسلحة الاستراتيجية، مثل غاز السارين، لا يمكن تنفيذه إلا بموافقة بشار أسد. ووفقاً للوثائق التي اطلعت عليها DW، يُعتقد أن بشار أسد قد فوّض أخاه بتنفيذ الهجوم.