تطور كبير في الشمال السوري بأمر من تركيا تشكيل جسم عسكري كبير
أعلنت ستة فصائل من “الجيش الوطني السوري”، الاندماج ضمن مسمى “الفيلق الثالث”.
فصائل الجبهة الشامية، وجيش الإسلام، وفيلق المجد، والفرقة 51، ولواء السلام، وفرقة الملك شاه، ارتبطت في إطار تنسيقي ضمن غرفة القيادة الموحدة “عزم”، قبل أن تتحول إلى الاندماج الكامل.
وبحسب ما أكده مصدر خاص من الفيلق الثالث لـ “موقع تلفزيون سوريا”، فإن الفرق الجوهري بين الكيان الجديد، وعمليات الاندماج السابقة، هو توحيد الصندوق المالي، واعتماد كتلة مالية واحدة رئيسية تحت إشراف القيادة العامة، مما سيجعل عملية صهر الفصائل ضمن التشكيل الكبير أمراً سهلاً.
وتوافقت الفصائل المندمجة على أن يقود الفيلق الثالث “مهند الخلف” الملقب بـ “أبي أحمد نور” قائد فصيل الجبهة الشامية، وتسمية “عصام بويضاني” قائد جيش الإسلام نائباً له.
جمع التيارات العسكرية المتنوعة.
يخوض قادة الفصائل المنضوية ضمن الفيلق الثالث تجربة جديدة لجمع التيارات العسكرية المتنوعة المناهضة للنظام السوري.
قيادة الجبهة الشامية هي عبارة عن خليط من شخصيات منتمية للمدرسة التقليدية، والتيار الإسلامي الحركي، وقد نتج الخليط هذا بعد التحاق كتل عديدة من حركة أحرار الشام الإسلامية، خاصة المعادية لـ “هيئة تحرير الشام” بالجبهة الشامية على مدار السنوات الأخيرة، في حين أن قيادة جيش الإسلام تنتمي لتيار “السلفية العلمية”.
بالمقابل فإن لواء السلام (تجمع فاستقم كما أمرت سابقاً) والفرقة 51، وفرقة الملك شاه، محسوبة على تيار “الجيش الحر”.
أما فيلق المجد فهو مزيج من المحافظين، والثوار الشعبيين، وتتقاطع مكوناته بأنها جميعها ممن أقصتهم “هيئة التحرير الشام” من منطقتي إدلب، وغربي حلب، وأبرزهم القطاع الشمالي لـ “جيش الإسلام” و”حركة نور الدين الزنكي”.
وأكد قيادي في “الفيلق الثالث” لموقع “تلفزيون سوريا”، أن الملفات الخلافية التي عصفت سابقاً بمحاولات الاندماج، التي عملت على جمع تيارات متناقضة مثل “الجبهة الإسلامية”، لم تعد موجودة اليوم، إذ يدرك الجميع أهمية العمل السياسي، ومتفقون على المجاهرة بعداء التنظيمات المتطرفة، بالإضافة إلى أن المكونات بعيدة عن الاصطفاف الدولي والإقليمي، الذي تراجع أو اختفى تقريباً نتيجة غياب الدور الفاعل لمختلف الجهات الدولية باستثناء الجانب التركي.
تجميع الفصائل المذكورة ضمن الفيلق الثالث سبقه وساطات استمرت لأشهر طويلة، شارك فيها شخصيات مستقلة مقربة من التشكيلات العسكرية المندمجة، وبعض المنتسبين للمجلس الإسلامي السوري، استطاعوا من خلالها إقناع الفصائل بنسب تمثيل ضمن مجلس القيادة للفيلق الثالث، بحسب الحجم والفاعلية والتأثير، بالإضافة إلى تقريب وجهات النظر في بعض الملفات التي شهدت تبايناً للآراء، مثل التنسيق الأمني مع هيئة تحرير الشام.
إصلاح الواقع الأمني والإداري
لا يخفي “الفيلق الثالث” أن أهم أهدافه هو إصلاح الواقع الأمني في مناطق عمليات “غصن الزيتون” و”درع الفرات” و”نبع السلام”، التي تعتبر تحت المجهر بالنسبة لأطراف متعددة تسعى لضرب الاستقرار فيها، أبرزها النظام السوري وتنظيم “قسد”.
تم اتخاذ الخطوة الأولى باتجاه تحسين الواقع الأمني، وذلك باتفاق غرفة القيادة الموحدة كلها وليس فقط الفيلق الثالث، على إطار عمل فعال وموحد للأجهزة الأمنية في الفصائل العسكرية، وتسمية قيادي سابق في الجيش الحر مسؤولاً عن الملف.
ويتطلع الفيلق الثالث إلى تطوير نظام الإدارة، خاصة أنه يمتد على رقعة جغرافية تشمل مدناً رئيسية في شمالي حلب وريف الرقة وهي: عفرين – الباب – اعزاز – تل أبيض – جرابلس.
وبحسب مصادر في الجهاز الأمني الجديد فإن الأولوية تنصب حالياً على استكمال الحملة ضد مصنعي ومروجي المخدرات، بحيث يتم القضاء عليهم بشكل نهائي، بالتوازي مع ضبط خطوط التهريب مع الميليشيات المدعومة إيرانياً غربي حلب.
ويدرك صناع القرار ضمن الفيلق الثالث أهمية ضبط الأمن في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري من أجل استقرار السكان، وتنشيط الحركة الاقتصادية.
كتلة موازية لـ “قسد” و”هيئة تحرير الشام”.
عملت “هيئة تحرير الشام” طيلة الفترة الماضية على إحداث اختراق في مواقف فصائل الجيش الوطني السوري، مستفيدة من امتلاكها معلومات حول خلايا تنظيم داعش، بحكم التحقيقات التي أجرتها مع خلايا قبضت عليها في إدلب.
وسعى الجهاز الأمني في الهيئة إلى بلورة تفاهمات تسهل عليه اختراق المنطقة، وهي إستراتيجية اتبعها سابقاً مع فصائل “الجيش الحر” بهدف تقويض سلطتها على المساحة الجغرافية بشكل تدريجي.
ومن جملة الملفات التي ناقشتها الفصائل قبل الاندماج ضمن الفيلق الثالث، هي آلية التعاطي مع هيئة تحرير الشام، وتوافقت على عدم السماح لها بالانتشار في المنطقة، والاقتصار على تبادل المعلومات الأمنية حول خلايا تنظيم داعش في حال اقتضت الضرورة.
واستثمرت الهيئة كثيراً في تشرذم الفصائل “المعتدلة” وقدراتها الأمنية لطرح نفسها على المجتمع المحلي والفاعلين الدوليين كبديل قادر على القيام بالأعباء الداخلية، ورعاية المصالح الدولية، ولذلك فإن إنشاء كيان قوي وله قدرات أمنية لا يبدو أنه في مصلحة “تحرير الشام”.
ومع تجميع كتلة عسكرية يبلغ تعدادها قرابة 20 ألف مقاتل، يمكن الحديث عن كتلة وازنة في مواجهة “قسد”، قادرة على التمدد في أية لحظة إلى مناطق جديدة، خاصة إذا ما استطاعت ضبط الأوضاع الأمنية والإدارية في المناطق التي تسيطر عليها.
وتتعرض الفصائل “المناهضة للنظام السوري “المعتدلة” لانتقاد مستمر حول واقعها وغياب هيكلية واضحة، واستمرار الحالة الفصائلية، بالإضافة لعقد مقارنات مستمرة بينها وبين وكل من “هيئة تحرير الشام” و”قسد”، على اعتبار أن الأخيرين من وجهة نظر الكثيرين، تمكنوا من بناء كتلة صلبة وإدارة لمناطقها بالحدود الدنيا.