انخفاض الليرة التركية يرفع سعر الخبز في أسكيشهير
أعلنت وسائل الاعلام التركية, اليوم الأربعاء, ارتفاع سعر الخبز في ولاية أسكيشهير, بالتوازي مع انخفاض قيمة الليرة التركية.
ووفقاً لما ترجمه “موقع تركيا عاجل”, فقد أعلنت ولاية اسكيشهير رفع سعر 210 غرام من الخبز إلى 2.5 ليرة تركية , بعد أن كان 2 ليرة لـ 200 غرام من الخبز.
وسيبدأ تطبيق هذا القرار اعتباراً من 29 كانون الأول.
الارتفاع هذا تطرق إليه رئيس اتحاد مشغلي المخابز في وسط الأناضول كاظم مولازيم أوغلو, وقال في تعليقه على هذه الزيادة ما يلي:
“لقد مر شهرين منذ أن قدمنا هذا الطلب. لسوء الحظ ، هذا السعر لا يوفر التكلفة, بسبب الارتفاع السريع في قيمة الدولار ، فإن الخباز يتكبد خسارة منذ ذلك الحين”.
وتابع قائلاً “وذلك لأن التكاليف لانتاج الخبز قد تضاعفت والآن سيباع 210 جرام من الخبز مقابل 2 ليرة ونصف”
ونوه بالقول “يجب أن تكون قيمة الخبز 3 ليرات ونصف ليجني الخباز ربحًا”.
والجدير بالذكر هنا, أنه وفي بداية ديسمبر، تم تخفيض 230 جرامًا من الخبز، الذي تم بيعه مقابل 2 ليرة ، إلى 200 جرام.
دراما الحرب النفسية تنهار والليرة التركية من الأزمة إلى بوادر الانفراج
يدرك الذين يتابعون التاريخ السياسي في القرن 21 أن الوسيلة المثلى للهجوم على العدو هي محاولة زعزعة الأساسيات، بحيث تنهار الطوابق المتراكبة فوق بعضها من تلقاء نفسها.
وبعيدا عن الإيحاءات الواسعة أو الضيقة لحادث 11 سبتمبر، فإن انهيار برجي التجارة العالميين لم يتم بالتدمير ولم يتم بنقض الأساسات، وإنما تم بالانهيار من نقطة شبه متوسطة في كيان ذلك الارتفاع الشاهق، فكانت النتيجة أن ما فوق نقطة التصادم تراكم فوق بعضه، وفوق النقطة التي حدث فيها التصادم بحيث انهار ما تحته.
وباختصار شديد، فإن علم السياسة يقول الآن إن المنظومات العصرية قابلة للانهيار من نقط مختلفة، وليست محتاجة إلى النقض من أسفل، ولا إلى التدمير الكلّي.
وقد كان هذا هو الدرس السياسي الذي افتتح به القرن 21 أحداثه، وأصبح درسا ملهما للقوى المتصارعة، حتى لو لم يكن الدرس نفسه من معطياتها أو تراثها، لكن طبيعة الحضارة المعاصرة حملت في طياتها -كما هي الحال في كل كائن حي- الشغف المتزايد بتحديد نقاط الضعف التي لا بد منها في كل كيان.
وهكذا أصبحت الحروب السياسية الحديثة تفكر في الوسيلة التي يمكن لها أن تجعل الاستقرار يفقد وجوده كليا، لا أن تحاول هزّ الاستقرار فحسب. ومع أن هذا الأسلوب في الهجوم المكثف على أية حالة من حالات الاستقرار يبدو مكلّفا جدا ومرهقا لمن يقومون به -بل يحمل كثيرا من أخطار الموجات التصادمية المرتدة- فإن الحقد الشديد والثروة الغزيرة كانا ولا يزالان كفيلين بتأجيجه يوما بعد يوم، من أجل الوصول إلى أية نقطة واعدة في طريق الانتصار المستهدف، مع عقد الأمل على أن يتكفل الانتصار الجزئي -ولو كان كاذبا- ببدء سلسلة من التدافعات والتراكمات والتكممات الكفيلة بتحقيق الأمل الحاقد على أي نموذج مضيء.
العداء المستحكم للنجاحات الخمسة في التجربة التركية
وقد كان ولا يزال هذا هو الطابع المسيطر على الحروب العربية ضد تركيا، وهي حروب تلقى تشجيع الغرب، لكنها من غير تشجيع الغرب -والولايات المتحدة بالذات- وصلت إلى ذروة العداء المستحكم لكل ما تمثله التجربة التركية من نجاحات خمسة، سواء في ذلك في مرجعيتها التي لا تنكر الإسلام، وفي سلوكها الذي لا ينكر القيم، وفي معطياتها التي لا تنكر العدالة الاجتماعية، وفي نتائجها التي لا تنكر قوة الردع، وفي رمزيتها الديمقراطية التي تتمثل في سياسي منتخب مجتهد موفق.
لا يخفي العرب المعاصرون عداوتهم العميقة والمتأججة لهذه الأركان الخمسة من النجاح التركي الذي بدأ بعد مطلع القرن 21 مباشرة، ولا يزال يواصل النجاح والتألق، بل إنهم لا يرتاحون إلى أي نجاح يتحقق في أي مكان لأي ركن من هذه الأركان الخمسة، فما بالك باجتماع الأركان الخمسة في تجربة واحدة، تتحدى التبعية الاقتصادية، وتتحدى المركزية الغربية، وتتحدى الاستعمار الجديد، وتتحدى قسوة سيطرة ما يسمى بالحكومة العالمية، وتتحدى محاولة تطبيع الانحراف وتقديمه على أنه اختلاف كما هي الحال في بعض القضايا الاجتماعية.
درجات من التماثل بين التجربة التركية وتجارب معاصرة
من المدهش أن التجربة التركية تجد بعض التماثل في تجارب معاصرة، فتتفق مثلا مع التجربة الصينية في عنصرين، ومع التجربة الروسية في عنصرين آخرين، ومع التجربة الماليزية في عنصرين تاليين، ومع التجربة البرازيلية في عنصر، ومع التجربة اليابانية في عنصر، ومع التجربة الكورية في عنصر وهكذا..
الأهداف العربية من حرب التجربة التركية
وفي المقابل، فإن التجارب العربية المتميزة التي تحارب التجربة التركية لا تمارس هذه الحرب من أجل الانتصار في صراع، وإنما هي تمارس هذا الحقد وهذه الحرب من أجل 3 أهداف مشكوك في قابليتها للوجود في عالم النجاح السياسي.
فالهدف الأول هو الشماتة، ولم يعرف التاريخ العالمي كله نجاحا تحقق بالاستناد إلى الشماتة، والهدف الثاني هو الإجهاض، بينما العصر الحديث أصبح محصنا ضد الإجهاض بفضل طبيعة التراكب والتراكم والتكميم واللاتراكز في الإنجاز، والهدف الثالث هو تدمير القدوة، ومن العجيب أن التاريخ الإنساني يحذّر من مثل هذا الهدف لأنه لا ينتج حتى في المدى القصير إلا حالة متطرفة من القدوة.
ومن العجيب أن العرب يخوضون حربهم ضد تركيا وهم يظنون أنهم جزء من لوحة الصراع العالمي، بينما هم في الحقيقة خارج إطار اللوحة تماما كما يقول شكسبير في وصف مثل حالتهم.
العرض مستمر
مع هذا، فإن العرب الذين لا يقرؤون سيواصلون حروبهم الاستنزافية من خلال أكبر منظومة إعلامية يشهدها العالم اليوم، وهي المنظمة الإعلامية المعادية لتركيا وللإسلام، والتي أصبحت تنطق بكل لغات العالم حتى أن الصحافة التركية الممولة خليجيا تنفق الآن بلا مبالغة أكثر من الصحافة التركية الممولة تركيا، حتى أن الصحافة العربية المهاجمة لتركيا تنفق الآن 100 ضعف ما ينفق على الصحافة العربية الموجهة إلى حرب إسرائيل وإلى حرب إيران معا.
أسئلة يتجاهلها العرب
ولا يسأل أحد من العرب المهاجمين لتركيا وعملتها أنفسهم عن حالة الفقر في تركيا، هل هي بائسة كما هي الحال عندهم في الفقر؟ ولا عن حالة الجهل في تركيا، هل هي مستعصية كما هي الحال عندهم في الجهل؟ ولا عن حالة الأمراض في تركيا، هل هي مزمنة كما هي الحال عندنا في أمراضنا العربية؟ لكنهم في مقابل هذا يظهرون الرثاء كلما انخفضت الليرة، ويظهرون الجزع كلما عادت الليرة إلى الارتفاع.