ألمانيا أمام أزمة ديموغرافية واقتصادية تهدد مكانتها الصناعية

تراجع الهجرة يعمّق أزمة العمالة في أكبر اقتصاد أوروبي

تواجه ألمانيا تحديات ديموغرافية واقتصادية متزايدة في ظل انخفاض معدل النمو السكاني وتراجع صافي الهجرة، ما أدى إلى تفاقم نقص العمالة المؤهلة وأثر بشكل مباشر على الإنتاج. فقد شهدت البلاد زيادة سكانية متواضعة بلغت 100 ألف شخص فقط في عام 2024، وهو ما لا يكفي لتعويض العجز الناجم عن انخفاض معدلات الولادة، حيث يُقدر الفارق بين عدد المواليد والوفيات بنحو 310 إلى 330 ألف شخص.

وتشير التوقعات إلى أن صافي الهجرة في عام 2024 سينخفض بأكثر من الثلث مقارنة بالعام السابق، ليصل إلى 400-440 ألف شخص، وهو تراجع يُعزى إلى انخفاض أعداد المهاجرين من سوريا وأفغانستان وتركيا ودول الاتحاد الأوروبي.

هذا التراجع يضع الاقتصاد الألماني أمام معضلة، خاصة مع تقدم السكان في العمر وازدياد الطلب على العمالة الماهرة، مما يدفع الحكومة إلى البحث عن حلول عاجلة عبر إصلاحات في سياسات الهجرة.

ركود الإنتاج يهدد الاقتصاد الألماني

لم تقتصر الأزمة على الجانب الديموغرافي، بل امتدت إلى الاقتصاد، حيث سجلت ألمانيا انخفاضًا ملحوظًا في الإنتاج على مدار العامين الماضيين. ووفقًا لتقارير البنك المركزي الألماني (Bundesbank)، فإن احتمالات تحقيق انتعاش اقتصادي قوي في المستقبل القريب لا تزال ضعيفة. هذا التراجع انعكس مباشرة على ارتفاع الأسعار داخل البلاد، مما زاد من الضغوط على المستهلكين والشركات على حد سواء.

المنافسة العالمية تفرض واقعًا جديدًا

في السنوات الأخيرة، شهد الاقتصاد العالمي تحولات جوهرية، أبرزها انتقال القوى الاقتصادية الكبرى، مثل الصين والولايات المتحدة، من نموذج “الدولة المستهلكة” إلى “الدولة المنتجة”. لم تعد الصين تعتمد فقط على المنتجات الرخيصة، بل أصبحت رائدة في الصناعات المتقدمة والتكنولوجيا الحديثة، مما جعلها منافسًا مباشرًا لألمانيا في الأسواق العالمية.

كما تغيرت المعادلة الاقتصادية التي اعتمدت عليها ألمانيا لعقود، حيث لم يعد بوسعها الاستفادة من استهلاك الصين، وحماية الولايات المتحدة، والطاقة الروسية الرخيصة كما في السابق. ومع استمرار انخفاض الإنتاج المحلي، تتزايد التحديات أمام ألمانيا للحفاظ على مكانتها كقوة صناعية رائدة.

– Automatic Update