تحالف الضرورة: تعاون استخباراتي بين واشنطن وهيئة تحرير الشام بعد سقوط نظام الأسد

تركيا عاجل – أخبار سوريا
كشفت مصادر أميركية لصحيفة “واشنطن بوست” عن بدء الولايات المتحدة بتبادل معلومات استخباراتية سرية مع الإدارة السورية الجديدة بقيادة “هيئة تحرير الشام”، التي أطاحت بنظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي. وبحسب المسؤولين، ساهمت هذه المعلومات في إحباط محاولة تفجير استهدفت مزاراً دينياً في ضواحي دمشق أوائل الشهر الجاري.
تعاون تكتيكي أم تحول استراتيجي؟
أكدت المصادر أن هذا التعاون ينبع من مصلحة مشتركة في منع عودة تنظيم “الدولة” (داعش)، دون أن يعني ذلك اعترافاً كاملاً بالهيئة، المصنفة كمنظمة إرهابية في الولايات المتحدة. وقال مسؤول أميركي سابق، فضل عدم الكشف عن هويته: “تصرفنا بناءً على معلومات موثوقة لدرء تهديدات محددة. هذا التعاون لا يرقى إلى علاقة دبلوماسية كاملة، ولكنه خطوة عملية”.
علاقة حذرة مع هيئة تحرير الشام
منذ الإطاحة بنظام الأسد في 8 ديسمبر الماضي، بدأت إدارة الرئيس جو بايدن بالتواصل الحذر مع هيئة تحرير الشام وقائدها أحمد الشرع، المعروف سابقاً بلقب “أبو محمد الجولاني”. وقد حاول الشرع إظهار موقف أكثر اعتدالاً من خلال التواصل مع قادة عالميين، متعهداً بحماية الأقليات الدينية.
ومع ذلك، لا تزال السياسة الأميركية تجاه الحكومة الجديدة في سوريا غير واضحة تماماً. الرئيس الأميركي الجديد، دونالد ترامب، كان قد علق على سيطرة الهيئة قائلاً: “هذه ليست معركتنا”، ما يعكس رغبته في تقليل التدخل في الشأن السوري.
تبادل معلومات استخباراتي مباشر
وفقاً للمصادر، جرت لقاءات مباشرة بين مسؤولين أميركيين وممثلين عن الهيئة داخل سوريا وفي دول ثالثة، لتبادل المعلومات الاستخباراتية حول تهديدات داعش. وأوضحت المصادر أن التحذير الأميركي كان عنصراً أساسياً في إحباط محاولة التفجير الأخيرة في ضاحية السيدة زينب.
ورغم رفض وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) التعليق على الأمر، أكد مسؤول سابق أن هذه الخطوة تندرج ضمن سياسة “الواجب في التحذير”، التي تفرض على واشنطن إبلاغ الضحايا المحتملين عند توافر معلومات دقيقة.
تحديات الهيئة في إدارة سوريا
سيطرت هيئة تحرير الشام على دمشق بعد هجوم واسع النطاق انطلق من شمال غرب البلاد، لتنهي بذلك حكم نظام الأسد الممتد منذ عام 1971. ورغم نجاحها العسكري، تواجه الهيئة تحديات هائلة، تشمل إعادة الإعمار، إدارة البلاد، وتهديدات داعش المستمرة.
كما أن تعيين شخصيات أجنبية، مثل الشيشانيين، في مناصب حساسة يثير مخاوف حول احتمال استمرار ارتباطات الهيئة بأيديولوجياتها المتشددة السابقة.
مصير الوجود الأميركي في سوريا
على الرغم من تراجع قوة داعش، لا تزال واشنطن ترى فيه تهديداً محتملاً. خلال الأسابيع الماضية، استهدفت القوات الأميركية مواقع لداعش بالتعاون مع القوات الكردية. ومع ذلك، يبقى مستقبل الوجود العسكري الأميركي في سوريا غامضاً، خاصة مع دعوات هيئة تحرير الشام لانسحاب جميع القوات الأجنبية ورغبة ترامب في تقليص التدخل الخارجي.
مخاوف واستفهامات حول المستقبل
قال ماثيو ليفيت، خبير مكافحة الإرهاب: “ليس مفاجئاً وجود قنوات اتصال حول قضايا مثل مكافحة داعش، ولكن هذا لا يعني أن العلاقات أصبحت ودية”.
رغم وعود هيئة تحرير الشام بالاعتدال، يبقى مستقبل البلاد تحت إدارتها مجهولاً، وسط تحديات أمنية وسياسية قد تعيق استقرار سوريا وتعمق عزلة الحكومة الجديدة على الساحة الدولية.
– Automatic Update