الهيكل الأسري في تركيا يتصدع! 1.2 مليون متزوج يعيشون بمفردهم

الهيكل الأسري في تركيا يتصدع! 1.2 مليون متزوج يعيشون بمفردهم

كشفت بيانات معهد الإحصاء التركي (TÜİK) عن ارتفاع غير مسبوق في عدد الأفراد الذين يعيشون بمفردهم داخل تركيا، حيث تضاعفت نسبة الأسر المكونة من شخص واحد خلال السنوات التسع الأخيرة. ووفقًا للإحصاءات، فإن 5.5 مليون شخص يعيشون حاليًا وحدهم، ومن بينهم 1.2 مليون شخص متزوجون لكنهم لا يتشاركون المسكن مع أزواجهم، ما يعكس تغيرات جذرية في البنية الأسرية والاجتماعية في البلاد.

تصاعد ظاهرة العيش الفردي في تركيا

وبحسب ما ترجم موقع تركيا عاجل، نقلاً عن الإعلام التركي، فقد أعد معهد “إنستيتو سوسيال” تقريرًا استند إلى بيانات TÜİK، حمل عنوان “صعود العيش الفردي: تحليل للأسر ذات الفرد الواحد في تركيا“، وكشف عن تسارع هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة. ففي عام 2014، بلغت نسبة الأسر ذات الفرد الواحد 13.9٪، بينما ارتفعت هذه النسبة إلى 19.7٪ بحلول عام 2023، ما يعني أن واحدة من كل خمس أسر في تركيا تتكون من فرد واحد فقط.

ووفقًا للباحثين في المعهد، عالمة الاجتماع نورسن تكغوز والدكتور سلجوق آيدن، فإن معدل هذه الزيادة في تركيا يفوق ما شهدته كل من الولايات المتحدة وأوروبا. ففي حين استغرقت الولايات المتحدة 73 عامًا لتشهد تضاعفًا في الأسر ذات الفرد الواحد، تمكنت تركيا من تحقيق هذا التضاعف خلال تسع سنوات فقط، ما ينذر بتغيرات اجتماعية عميقة.

أسباب انتشار العيش الفردي وتأثيراته

يرى الخبراء أن ازدياد عدد الأسر ذات الفرد الواحد مرتبط بشكل مباشر بارتفاع معدلات التمدن والتغيرات الاقتصادية، حيث تبرز هذه الظاهرة بشكل أوضح في المدن الكبرى، بينما سجلت أعلى نسبة زيادة في ولايات غوموشهانه، غيرسون، وتونجلي.

وأشارت تكغوز إلى أن العوامل المؤدية لهذا التغير تشمل ضعف الروابط الأسرية، ازدياد رغبة الشباب في الاستقلال، تأخير الزواج، ارتفاع معدلات الطلاق، وانخفاض معدلات الإنجاب. كما أن البحث عن الاستقلالية الفردية والتحولات في القيم الأسرية التقليدية يعززان هذه الظاهرة بشكل متسارع.

تداعيات اقتصادية واجتماعية خطيرة

أوضحت نورسن تكغوز أن 96٪ من الأفراد الذين يعيشون بمفردهم لا يحصلون على أي دعم رعاية منزلية، كما أن عدد الذين يعانون من ظروف اقتصادية صعبة في هذه الفئة آخذ في الارتفاع. وأكدت أن هؤلاء الأفراد ينفقون بمعدلات مماثلة للأسر التقليدية ولكن دون شبكة دعم اجتماعية قوية، مما يجعلهم أكثر عرضة للضغوط المالية والاجتماعية.

التأثير على الأمن القومي والتكنولوجيا

يحذر الخبراء من أن الأفراد الذين يعيشون بمفردهم يقضون وقتًا أطول على الإنترنت، ما يجعلهم أكثر عرضة للاحتيال الإلكتروني والمعلومات المضللة. وأشارت تكغوز إلى أن هذه الفئة أكثر تعرضًا لجرائم الأمن السيبراني، مما قد يشكل تهديدًا للأمن القومي على المدى البعيد.

الأزواج المنفصلون رغم الزواج: ظاهرة متزايدة

من بين أبرز النتائج التي كشفها التقرير، وجود 1.2 مليون شخص متزوجون لكنهم يعيشون بشكل منفصل عن أزواجهم. وأوضحت تكغوز أن العام الحالي تم إعلانه “عام الأسرة”، مما يجعل هذه الظاهرة مثيرة للقلق وتستدعي البحث العميق لفهم أسبابها ومعالجتها.

وأشارت إلى أن التفاوت في فرص العمل بين المناطق المختلفة يجبر الكثير من الأزواج على العيش في أماكن منفصلة، لا سيما في ظل الهجرة من شرق البلاد إلى غربها بحثًا عن فرص عمل. كما أن القيود المفروضة على التعيينات الحكومية تؤدي أحيانًا إلى فصل الأزواج عن بعضهم البعض، بالإضافة إلى اضطرار الطلاب للانتقال إلى مدن أخرى لاستكمال تعليمهم.

وأبرز التقرير أن العيش الفردي أكثر شيوعًا بين كبار السن والرجال، لكنه يشهد تزايدًا أيضًا بين النساء الشابات، ما يعكس تحولًا ديموغرافيًا جديدًا في تركيا قد تكون له تداعيات اجتماعية بعيدة المدى.

المصدر: تركيا عاجل