التَّارِيخُ: 2025.21.02
لَا يَعْلَمُ الغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْكِرَامُ!
نُوَاجِهُ بَيْنَ الحِينِ وَالآخَرِ السَّحَرَةَ وَالمُشَعْوِذِينَ وَنَشْهَدُ عَلَى اسْتِغْلَالِ المُتَعَامِلِينَ مَعَ الجِنِّ وَالعَرَّافِينَ وَالمُعَالِجِينَ الرُّوحِيِّينَ لِمَشَاعِرِ النَّاسِ وَمَكَاسِبِهِمْ مِنْ أَجْلِ مَصَالِحَ دُنْيَوِيَّةٍ، وَتُوَفِّرُ بَعْضُ القَنَوَاتِ التِّلِفِزْيُونِيَّةِ وَالوَسَائِطِ الرَّقْمِيَّةِ بِيئَةً مُنَاسِبَةً لِهَؤُلَاءِ المُمَارِسِينَ لِلْأَعْمَالِ الشِّرِّيرَةِ. وَفِي خُطْبَتِنَا اليَوْمَ دَعُونَا نَتَذَكَّرُ وَنُذَكِّرُ بِرُؤْيَةِ دِينِنَا العَظِيمِ الإِسْلَامِ لِهَذِهِ المَوَاضِيعِ.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَعِزَّاءُ!
وِفْقًا لِدِينِنَا يُعْتَبَرُ السِّحْرُ وَالشَّعْوَذَةُ مِنَ الكَبَائِرِ[1]. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “اِجْتَنِبُوا المُوبِقَاتِ الشِّرْكَ بِاللَّهِ وَالسِّحْرَ”[2]. إِنَّ مُمَارَسَةَ السِّحْرِ وَالشَّعْوَذَةِ أَوْ إِجْرَاؤَهَا تُعْتَبَرُ اِنْتِهَاكًا لِحُقُوقِ العِبَادِ، وَظُلْمًا. إِنَّهَا سُلُوكٌ وَتَصَرُّفٌ قَبِيحٌ يَتَعَارَضُ مَعَ إِيمَانِنَا بِالتَّوْحِيدِ وَفَهْمِنَا لِلتَّوَكُّلِ. الَّذِينَ يَرْتَكِبُونَ هَذِهِ المَعْصِيَةَ لَنْ يَنْجُوا مِنْ غَضَبِ اللَّهِ مَا لَمْ يَتُوبُوا وَيَتَصَالَحُوا مَعَ مَنِ انْتَهَكُوا حُقُوقَهُمْ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْأَفَاضِلُ!
إِنَّ الجِنَّ أَيْضًا مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مِثْلُ البَشَرِ. مِنْهُمْ المُؤْمِنُونَ وَمِنْهُمْ غَيْرُ المُؤْمِنِينَ. كَمَا أَنَّهُمْ مِثْلُ البَشَرِ لَا لِيَسْتَطِيعُونَ مَعْرِفَةَ الغَيْبِ. وَلَا يُمْكِنُهُمْ إِلحَاقُ الضَّرَرِ بِأَحَدٍ بِدُونِ إِذْنِ اللَّهِ. “ولِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاواتِ وَالارْضَ”[3] لِهَذَا السَّبَبِ، فَإِنَّ الَّذِينَ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يَتَوَاصَلُونَ مَعَ الجِنِّ لِلْحُصُولِ عَلَى مَعْلُومَاتٍ عَنِ المُسْتَقْبَلِ هُمْ كَاذِبُونَ بِلَا شَكٍّ. مَا يَجِبُ عَلَى المُسْلِمِ فِعْلُهُ فِي هَذَا الصَّدَدِ هُوَ أَنْ يَسْتَعِيذَ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ النَّاسِ كَمَا يَسْتَعِيذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ الجِنِّ وَأَنْ يَسْتَمِرَّ فِي العِبَادَةِ وَالدُّعَاءِ. يَنْبَغِي الِالْتِزَامُ بِتَوْصِيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِرَاءَةِ سُورَتَيْ الفَلَقِ وَالنَّاسِ بِكَثْرَةٍ[4]. بِالْإِضَافَةِ إِلَى ذَلِكَ فَإِنَّ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الطَّالِعِ مِثْلَ القَهْوَةِ وَالشَّايِ وَالمِلْحِ وَالفُولِ كَمَا جَاءَ فِي الآيَةِ الكَرِيمَةِ “رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ”[5] إِنَّ التَّنَبُّؤَ بِالْمُسْتَقْبَلِ مِنْ خِلَالِ قِرَاءَةِ الوَرَقِ أَوِ الأَبْرَاجِ أَوِ النَّظَرِ إِلَى اليَدِ أَوْ الوَجْهِ هُوَ حَرَامٌ وَذَنَبٌ. وَمُشَارَكَةُ هَذِهِ الشُّرُورِ فِي أَمَاكِنَ مِثْلِ التِّلِفِزْيُونِ وَالصُّحُفِ وَوَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ هُوَ إِثْمٌ عَظِيمٌ. إِنَّ تَحْذِيرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا المَوْضُوعِ وَاضِحٌ جِدًّا: “مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ”[6] .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَفَاضِلُ!
يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى:” وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ “[7]. إِنَّ القُرْآنَ الكَرِيمَ قَدْ أُنْزِلَ لِيُقْرَأَ وَيُفْهَمَ وَيُعَاشَ. وَفِيهِ حَلٌّ لِمُشْكِلَاتِنَا الفَرْدِيَّةِ وَالِاجْتِمَاعِيَّةِ. وَمَعَ ذَلِكَ بِالْإِضَافَةِ إِلَى اللُّجُوءِ إِلَى الطُّرُقِ الطِّبِّيَّةِ لِعِلَاجِ أَمْرَاضِنَا فَإِنَّ قِرَاءَةَ القُرْآنِ وَالدُّعَاءَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِأَدْعِيَةِ نَبِيِّنَا الحَبِيبِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْنَحُ جَسَدَنَا الصِّحَّةَ وَيُدْخِلُ السَّكِينَةَ إِلَى أَرْوَاحِنَا. لَكِنْ لَا مَكَانَ فِي دِينِنَا لِكِتَابَةِ آيَاتِ القُرْآنِ أَو الْأَدْعِيَةِ عَلَى وَرَقَةٍ أَوِ النَّفْخِ عَلَيْهَا مِنْ أَجْلِ كَسْبِ المَالِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْأَعِزَّاءُ!
إِنَّ السَّحَرَةَ وَ المُشَعْوِذِينَ هُمْ مَنْ يُمَارِسُونَ السِّحْرَ وَالشَّعْوَذَةَ. وَمَنْ يَتَعَامَلُ مَعَ الجِنِّ هُمْ عِبَادُ الجِنِّ. وَمَنْ يَقْرَأُ الفَأْلَ هُمْ قَارِئِينَ الفَأْلِ. وَمَنْ يَكْتُبُ التَّمَائِمَ مِنْ أَجْلِ تَحْقِيقِ المَنْفَعَةِ هُمْ كُتَّابُ التَّمَائِمِ. وَمَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ يَشْفِي النَّاسَ بِالنَّفْخِ هُمُ النَّفَّاثُونَ. وَلَا أَحَدَ مِنْ هَؤُلَاءِ هُوَ “شَيْخٌ”. إِنَّ اعْتِبَارَ هَؤُلَاءِ الأَشْخَاصِ مِثْلَ شُيُوخِنَا الَّذِينَ هُمْ وَرَثَةُ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤَدِّي إِلَى تَبْرِيرِ هَذِهِ الأَفْعَالِ المُحَرَّمَةِ وَانْتِشَارِهَا. إِنَّ كُلَّ هَذِهِ المُعْتَقَدَاتِ البَاطِلَةِ وَالخُرَافَاتِ تَجِدُ لَهَا أَرْضِيَّةً فِي البِيئَاتِ الَّتِي تَفْتَقِرُ إِلَى إِيمَانٍ قَوِيٍّ بِالتَّوْحِيدِ وَفَهْمٍ سَلِيمٍ لِلدِّينِ. وَهَذَا يُوَضِّحُ لَنَا مَدَى ضَرُورَةِ المَعْرِفَةِ الدِّينِيَّةِ الصَّحِيحَةِ، وَمَدَى أَهَمِّيَّةِ التَّعْلِيمِ الدِّينِيِّ المُسْتَنِدِ إِلَى القُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَمَدَى خُطُورَةِ اسْتِغْلَالِ الدِّينِ .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْكِرَامُ!
لِنَكُنْ يَقِظِينَ تُجَاهَ الَّذِينَ يَسْتَغِلُّونَ قِيَمَ دِينِنَا وَمَشَاعِرَ أُمَّتِنَا. لَا نَسْمَحُ لِأَنْفُسِنَا أَنْ نَنْخَدِعَ بِالسَّحَرَةِ و المُشَعْوِذِينَ الَّذِينَ لَا يَسْتَطِيعُونَ تَقْدِيمَ العِلَاجِ لِمَشَاكِلِهِمْ أَوْ الشِّفَاءَ مِنْ أَمْرَاضِهِمْ. لَا نُعْطِ أَهَمِّيَّةً لِأُولَئِكَ المُبْتَدِعِينَ الَّذِينَ يَدَّعُونَ تَوْزِيعَ المَاءِ الَّذِي غُسِلَ فِيهِ شَعْرُ أَوْ لِحْيَةُ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المَجَالِسِ. لِنَقُمْ بِالْوَاجِبَاتِ المُلْقَاةِ عَلَى عَاتِقِنَا فِي مَسْأَلَةِ الشِّفَاءِ وَالنَّجَاحِ وَالرِّزْقِ وَالنَّصِيبِ ثُمَّ نَتَوَكَّلُ عَلَى رَبِّنَا. لَا نَنْسَى أَنْ لَا أَحَدَ وَلَا أَيَّ وَسِيلَةٍ يُمْكِنُ أَنْ تُقَدِّمَ فَائِدَةً أَوْ تَضُرَّ شَخْصًا مَا بِدُونِ إِذْنِ اللَّهِ. التَّقْدِيرُ هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ وَحْدَهُ. لِتَكُنْ خَاتِمَةُ كَلَامِنَا هِيَ آيَةَ رَبِّنَا: “وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ”[8].
[1] الْبُخَارِيُّ، كِتَابُ الطِّبّ،48.
[2] النَّسَائِيُّ، كِتَابُ الْمُحَارَبَة،19.
[3] سُورَة هُود، 11/123.
[4] التِّرْمِذِيُّ،كِتَابُ الطِّبّ،19.
[5] سُورَة الْمَائِدَة، 5/90.
[6] اِبْنُ مَاجَهْ،كِتَاب الطَّهَارَة،122.
[7] سُورَةُ الْإِسْرَاء، 17/82.
[8] سُورَةُ الطَّلَاقِ،65/3.
الْمُدِيرِيَّةُ العَامَّةُ لِلْخَدَمَاتِ الدِّينِيَّةِ
سعر الذهب في تركيا / ارتفع سعر كيلوغرام الذهب القياسي في سوق بورصة إسطنبول للمعادن…
الليرة التركية / تتم متابعة أسعار الصرف وقيم الدولار/الليرة واليورو/الليرة عن كثب، مع بدء تعاملات…
هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط لتقديم تجربة أفضل للمستخدم
اقرأ المزيد