المعارضة التركية تستغل تدهور الليرة التركية مقابل الدولار وتجري تحركات مضادة
جددت المعارضة التركية مطالبتها بانتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة، بالتزامن مع أزمة انهيار الليرة التركية أمام العملات الأجنبية، وإصرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على مواصلة تصفير أسعار “الفائدة” في البلاد.
وخسرت الليرة التركية أكثر من 30 بالمئة من قيمتها، وسط صعود للتضخم الذي يقترب من 20 بالمئة، واكبه غلاء بالمعيشة، وارتفاع الأسعار لا سيما في السلع الأساسية.
وأصبحت الليرة التركية والغلاء المعيشي، الشغل الشاغل للمواطن التركي على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما أطلق نشطاء دعوة لانتخابات مبكرة بالتزامن مع دعوة وجهتها المعارضة.
ويرى الرئيس التركي أن أسعار الفائدة هي السبب بالتضخم، متعهدا بالتخلص منها طالما على رأس عمله، قائلا: “لا يمكنني أن أكون مع (أصدقائنا) الذين يدافعون عن سعر الفائدة”.
رغم النمو الاقتصادي، وتحقيقه فائضا في الميزان التجاري، يواصل التضخم ليقترب إلى 20 بالمئة رغم تعهد الرئيس التركي بخفضه إلى 5 بالمئة قبيل الانتخابات المرتقبة في حزيران/ يونيو 2023.
مسألة “الانتخابات المبكرة” طرحتها المعارضة التركية مرات عدة في ظل أزمة كورونا، في محاولة منها لاستغلال الوضع الاقتصادي في البلاد لصالحها، ولا يخلو أي لقاء بين زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو، وزعيمة حزب الجيد ميرال أكشنار، من توجيه هذه الدعوة.
وبعد تصريحات أردوغان الأربعاء الماضي، وتعهده بشأن “أسعار الفائدة”، التقى زعيم الحركة القومية دولت بهتشلي في لقاء مخطط له، لكن كليتشدار أوغلو أعلن عن لقاء عاجل وفوري مع أكشنار ناقشا فيه الوضع الاقتصادي بالبلاد، ودعا إلى إجراء انتخابات مبكرة.
كليتشدار أوغلو: الحكومة غير قادرة على إدارة البلاد
كليتشدار أوغلو في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع أكشنار، اتهم أردوغان بتدخله بسياسات البنك المركزي التركي، وجدد دعوته لانتخابات مبكرة، قائلا “إن الحكومة الحالية غير قادرة على إدارة البلاد.. وتوجه دعوتنا الواضحة في إطار سياسي قائم على حب الناس، لبذل الجهود من أجل حل المشاكل بأسرع وقت ممكن.. علينا الذهاب إلى الانتخابات في أقرب وقت ممكن، دعوا حكومة جديدة تأتي لتدير البلاد بشكل صحيح.. لدينا كوادر اقتصادية جيدة نحن وحزب الجيد”.
ميرال أكشنار، قالت إنها تضم صوتها إلى دعوة كليتشدار أوغلو، مضيفة: “البلاد بحاجة للذهاب إلى الانتخابات في أسرع وقت”، وزعمت أن جيل الشباب لا يستطيع العثور على وظيفة، وأن الحاصلين على شهادات جامعية يحاولون الهجرة إلى كندا وأستراليا ونيوزيلندا للعمل كنادلين في المطاعم.
وأشارت إلى أنهم قرروا أن تجتمع الطواقم الاقتصادية لحزب الجيد مع “الشعب الجمهوري”، للبحث عن حلول للمشاكل التي يعاني منها المواطن التركي، داعية الأحزاب السياسية الأخرى للانضمام إليهم.
حزب العدالة والتنمية يعلق على الدعوة لـ”الانتخابات المبكرة”
وحول الدعوة لانتخابات مبكرة التي أكد الرئيس التركي سابقا أكثر من مرة أنها لن تحدث، قال نائب رئيس كتلة حزب “العدالة والتنمية” الحاكم بولنت توران، إنه لا يوجد على الأجندة انتخابات مبكرة، مضيفا: “قمنا بالانتخابات ومنحتنا الأمة التركية خمس سنوات”.
وقال بولنت: “لقد دفعت تركيا ثمنا اقتصاديا وسياسيا كبيرا بسبب تغيير الحكومات كل ستة أشهر (في النظام البرلماني السابق)، ومع انتقالنا إلى النظام الرئاسي، كانت أهدافنا بأن تكون لدينا حكومة مستقرة لمدة خمس سنوات لضمان الاستقرار في البلاد ومواجهة الأزمات الدولية، وحل المشاكل المحيطة، ولذلك ليس على أجندتنا انتخابات مبكرة”.
وأضاف بولنت، أن المعارضة التركية بقولها “انتخابات مبكرة” تحاول فرض أجندتها الخاصة، مضيفا: “فشل كليتشدار أوغلو الذي حصل حزبه على 25 بالمئة، من تحقيق تقدم حتى 26 بالمئة، ولم تحقق ميرال أكشنار حلمها لتصبح رئيسة للجمهورية، وواصلت طريقها بنسبة أصوات منخفضة ولم تتمكن من الحصول على أصوات مقارنة بنسبة أصوات حزبها”.
وتابع: “عن أي انتخابات يتحدثون؟ من يستطيع أن يتعامل بجدية مع طروح كليتشدار أوغلو الذي خسر الانتخابات 15 مرة؟ وأولئك الذين يطالبون بانتخابات مبكرة لو قررنا ذلك يوم غد لا يوجد لديهم مرشح حتى اللحظة”.
الحكومة تدرك ثمن خفض أسعار الفائدة.. “الوصفة المرة”
الكاتبة التركية هاندا فرات، قالت في تقرير على صحيفة “حرييت”، إن تصريحات الرئيس أردوغان بشأن خفض أسعار الفائدة تثير التساؤلات، وتم انتقاد القرار من دوائر ترى بأن ما يجري “سياسة خاطئة”.
ونقلت عن مصادر أن الحكومة تدرك ثمن خفض الفائدة، ولكنها ستواجه هذا الثمن، وبمعنى آخر ستطبق “الوصفة المرة” في الوقت الحالي.
وأشارت المصادر إلى أن السبب وراء عدم اللجوء لانتخابات مبكرة، أن الهدف الرئيس للحزب الحاكم حتى انتخابات 2023 هو زيادة الاستثمارات وتقليل البطالة وتخفيف فئة الدخل المنخفض.
وأوضحت أن الحكومة لا تريد الذهاب إلى انتخابات 2023، مع ارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع التضخم ومعدلات البطالة، من خلال زيادة الاستثمارات للحد من البطالة، كما أنها تعتمد على بعض البيانات الاقتصادية لذلك.
ويأتي في مقدمة هذه البيانات النمو الاقتصادي، فقد نما الاقتصاد التركي بنسبة 21.7 بالمئة في الربع الثاني من عام 2021 مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، وفي نهاية العام يتم إجراء توقعات نمو قد تصل إلى خانتين.
أما البيانات الأخرى فهي أرقام التصدير، فقد ارتفعت صادرات البلاد خلال تشرين الأول/ أكتوبر، بنسبة 20.2 بالمئة، مقارنة بذات الشهر من العام الماضي، ليبلغ حجمها 20.8 مليار دولار، وفي الفترة من كانون الثاني/ يناير إلى تشرين الأول/ أكتوبر زادت الصادرات بنسبة 33.9 بالمئة مقارنة بذات الفترة من العام الماضي لتصل إلى 181.8 مليار دولار.
وذكرت المصادر بحسب الصحيفة، أن العالم بأكمله يواجه أزمة اقتصادية وذلك ينعكس على تركيا، مشيرة إلى أن هناك محاولات لخلق تصور بأن “الاقتصاد لا يمكن إدارته” في تركيا، لافتة إلى أن احتياطيات البنك المركزي محمية أيضا.
وقالت الكاتبة: “سنتابع ما إذا كانت الحكومة قادرة على تحقيق أهدافها خلال عام ونصف، وسيكون عام 2022 صعبا للغاية”.
علي باباجان يعلق
رئيس حزب الديمقراطية والتقدم، علي باباجان، والذي شغل منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الاقتصاد سابقا، رأى أن مسار تركيا الاقتصادي لا يسير بشكل جيد، مضيفا، أن “الحكومة فقدت السيطرة الكاملة على أسعار الصرف”.
وأضاف: “يعتقدون أن البنك المركزي لديه معيار واحد فقط يمكنه التحكم فيه، ويظنون أنهم يستطيعون إدارة الاقتصاد من خلال خفضها ورفعها” في إشارة إلى أسعار الفائدة.
وتابع: “وظيفة البنك المركزي في الإدارة الاقتصادية محدودة، ومن المستحيل أن تحل وحدها مشاكل اقتصاد تركيا، وهناك حاجة ماسة لدراسة مجتمعية أوسع”.
وأوضح باباجان أن خفض أسعار الفائدة سيكون لمصلحة البلاد، قائلا: “لا أحد يريد ارتفاع أسعار الفائدة، وانخفاضها مفيد لنمو البلاد، ولكن الطريقة لتحقيق ذلك لا تكون من خلال إعطاء التعليمات فقط للبنك المركزي”.
وقال: “إذا خفضتم سعر الفائدة للبنك المركزي فسيرتفع سعر الفائدة للسوق وسعر صرف العملة ومعدلات التضخم، والطريق للقيام بذلك يمر أولا عبر تحقيق العدل والقانون”، معتقدا أن الحل الوحيد هو تغيير السلطة.
الأرقام الاقتصادية جيدة.. ولكن
ووفقا للانطباعات المنعكسة، يرى نواب حزب العدالة والتنمية، بأن الضائقة الاقتصادية تعد الشكوى الأكثر شيوعا لدى المواطنين الأتراك.
ويقول النواب الذين نقلوا انطباعات الفلاحين والحرفيين، أنه رغم نمو أرقام الاقتصاد بشكل جيد، فإن ذلك لم ينعكس أثره على المواطن التركي في الوقت الحالي، وإذا تم حل هذه المعضلة فلن يواجه الحزب أي مشاكل في صندوق الاقتراع، بحسب “بي بي سي” التركية.
ورغم الرضا عن أرقام الصادرات ونموها في كواليس حزب العدالة والتنمية، فإن اللوائح الخاصة بالمزارعين والحرفيين وقطاعات الدخل المنخفض والحد الأدنى للأجور جميعها يجب حلها وتنفيذها وتقديم الدعم اللازم لهذه القطاعات قبل الانتخابات.
وينظر إلى أن تعديل قانون الضرائب الذي أقره البرلمان التركي مؤخرا، مؤشر على الخطوات التي سيتم اتخاذها بهذا الاتجاه.
مصدر الخبر: arabi21