مساحتها 10 أمتار! تعرف على أصغر دولة على وجه الأرض

مساحتها 10 أمتار! تعرف على أصغر دولة على وجه الأرض

من حيث المساحة هناك دول في العالم صغيرة للغاية، وهناك دولا عبارة عن قطع أراض و شوارع وربما بضعة منازل في كيانات تدّعى أنها دول ذات سيادة، ولكنها لا تُعد مستقلة من ناحية قانونية اطلق عليها مصطلح دول مجهرية .

حيث كثر مؤخرًا الإعلان عن دول يُعلنها أفراد من طرفهم بدون العودة لأحد، مستغلين بعض الثغرات في القانون الدولي وترسيمات الحدود أو النزاعات الحدودية بين الدول.

وعندما نتحدث عن أصغر دولة ذات سيادة معترف بها دوليًّا، فنحن بالتأكيد نتحدث عن الفاتيكان، أصغر دولة في العالم، حيث تبلغ مساحتها 0.44 كيلومتر مربع فقط، ويقطنها نحو 800 شخص، لكن هل سمعت يومًا عن «الدول المجهرية» متناهية الصغر؟ في هذا التقرير، نأخذك في جولة إلى بعض هذه الدول، ونخبرك لماذا تُقام هذه الدول.

أتلانتيوم: دولة مساحتها 10 أمتار!

تعد الدول المجهرية مناطق متناهية الصغر أعلن صاحبها أو مالك الأرض استقلاله من جانب واحد عن الدولة الأم، دون وجود أي سند قانوني أو اعتراف بهذا الإعلان، وقد وقع هذا الأمر أكثر من 100 مرة حتى الآن.

أحد الأمثلة على هذه الدول ظهر عام 1981 في إحدى ضواحي مدينة سيدني الأسترالية، عندما رسم شاب يدعى جورج كروكشانك واثنان من أصدقائه خطًّا حدوديًّا في الفناء الخلفي لمنزله.

معلنين أن تلك الرقعة التي تبلغ مساحتها 10 أمتار مربعة فقط؛ هي إقليم مؤقت لإمبراطورية أتلانتيوم!

جرى تتويج كروكشانك باسم الإمبراطور جورج الثاني، ثم أصدر إعلانًا من جانب واحد بالاستقلال عن كومنولث أستراليا، ليرفع كروكشانك وأصدقاؤه العلم وتظهر الدولة المجهرية أتلانتيوم رسميًّا.

أصبح كروكشانك أكثر استغراقًا بشكل متزايد في شؤون دولته المجهرية، فأصدر الطوابع والعملات المعدنية والأوراق النقدية، وعيَّن ممثلين دبلوماسيين، وصمم سلسلة من الأعلام والشارات، كما تبنى نظام تقويم عشري يقسم السنة إلى 10 أشهر فقط.

الإمبراطور جورج الثاني، حاكم إحدى الدول المجهرية

الإمبراطور جورج الثاني – مصدر الصورة: abc

وفي عام 2008، اشترى كروكشانك عقارًا ريفيًّا مساحته 80 هكتارًا على بعد 350 كيلومترًا من مدينة سيدني، والتي أصبحت «العاصمة الإدارية لأتلانتيوم».

يقضي الإمبراطور فيه معظم عطلات نهاية الأسبوع هناك، حيث يصوغ البيانات السياسية ويتبادل الرسائل مع قادة الدول المجهرية الأخرى والممثلين الدبلوماسيين غير المعتمدين لأتلانتيوم في الولايات المتحدة وسنغافورة وسويسرا.

تبلغ مساحة أتلانتيوم ضعف مساحة الفاتيكان، ويبلغ عدد مواطنوها 3 آلاف شخص من 100 دولة، على الرغم من أن معظمهم لم يذهب لها بعد، ولا تصدر أتلانتيوم تأشيرات للزيارة، فيما يعتقد كروكشانك أن دولته تفي بالمعايير الأربعة لقيام الدول على النحو المحدد وفق اتفاقية مونتيفيديو لعام 1933، فهي لديها عدد سكان دائم، ومنطقة محددة، وحكومة، والقدرة على الدخول في علاقات مع الدول الأخرى.

لادونيا.. والملكة

تأسست دولة لادونيا عام 1996 بعد نزاع قانوني مطول بين السلطات المحلية في السويد حول مجموعة من المنحوتات التي أنشأها فنان يدعى لارس فيلكس.

هذه المنحوتات أقامها الفنان في منطقة محمية طبيعية، حيث رأت الحكومة المحلية أنه لا يحق له تشييدها في هذا المكان، ودخل فيلكس على إثرها في قضايا مع الحكومة لكنه خسر.

لكن في الوقت ذاته، أعلن فيلكس أن المنطقة المحيطة بالمنحوتات هي دولة مستقلة ذات سيادة. لاحقًا، بدأت عملية وضع نظام سياسي في هذه الدولة، ليجري اختيار ملكة مع أواخر التسعينيات.

وفي عام 2011، توجت كارولين شيلبي، الوزيرة السابقة في حكومة لادونيا، ملكة جديدة؛ بعدما توقفت الملكة السابقة عن أداء مهامها بعدما حكمت لمدة 14 عامًا.

كانت لادونيا تواجه أزمة دستورية لأنه لم يكن لديها ملكة، ولم يستجب ورثة الملكة السابقة لمحاولات الحكومة للاتصال بهم، ما يعني تنازل الملكة عن العرش غيابيًّا، لتجرى انتخابات من أجل إيجاد ملكة جديدة.

إذ ينص دستور لادونيا على أن الحاكم لا يجوز أن يكون رجلًا، إذ حصلت النساء على فرص قليلة للغاية بوصفهن حكامًا – من وجهة نظر مؤسسي لادونيا – لذلك أرادوا عكس هذا الاتجاه.

تسمى عاصمة البلاد نيمس، وهي عبارة عن سلسلة من المنحوتات الخشبية في محمية طبيعية لا يمكن الوصول إليها إلا سيرًا على الأقدام، وتغطي مساحة كيلومتر مربع واحد فقط. ومع ذلك، يذهب آلاف الأشخاص إليها كل عام. إذ يوجد في لادونيا حاليًّا 27 ألف مواطن مسجل، معظمهم من السويد والولايات المتحدة وروسيا، كما تجرى مناقشات بانتظام حول شراء الأراضي لمواطني لادونيا للعيش فيها.

المثير للغرابة، هو أنه عندما صعدت الملكة كارولين ملكة لادونيا إلى العرش، أرسل لها الإمبراطور كروكشانك، حاكم أتلانتيوم، رسالة تهنئة، دعاها فيها لحضور مؤتمر الدول المجهرية في لندن.

سيلاند.. دولة القراصنة التي احتلها المرتزقة في بريطانيا

مثال آخر على الدول المجهرية ما يعرف باسم إمارة سيلاند، وهي عبارة عن منصة بحرية في بحر الشمال على بعد نحو 12 كيلومترًا قبالة ساحل سوفولك الإنجليزية.

هذه الدولة مقامة على برج يسمى «Roughs Tower»، وهو حصن مونسيل البحري الذي بناه البريطانيون في المياه الدولية خلال الحرب العالمية الثانية.

منذ عام 1967، استولى على البرج مجموعة من المذيعين القراصنة بهدف إنشاء محطتهم الخاصة هناك، وطالبوا به بوصفه دولة ذات سيادة، وتعرضت سيلاند للغزو من قبل المرتزقة في عام 1978، لكنها تمكنت من صد الهجوم.

ومنذ عام 1987، عندما وسعت المملكة المتحدة مياهها الإقليمية إلى 12 ميلًا بحريًّا، أصبحت المنصة ضمن الأراضي البريطانية.

12 دولة مجهرية في أستراليا!

يطلق على أستراليا لقب عاصمة الدول المجهرية في العالم، لأنها تضم ​​أكثر من 12 دولة مجهرية، بعض هذه الدول شكل بهدف محدد، فعلى سبيل المثال تأسست مملكة المثليين والمثليات في جزر بحر كورال عام 2004 ردًّا على رفض الحكومة الأسترالية الاعتراف بزواج المثلـ.ـيين، واكتسبت هذه الدولة اهتمامًا إعلاميًّا كبيرًا حتى حُلت عام 2017، عندما صوت الأستراليون لدعم تقنين زواج المثليين.

في أستراليا أيضًا، تسعى دولة «Yidindji Tribal Nation» إلى إبرام معاهدة مع الحكومة الأسترالية وتصحيح الدستور الأسترالي الذي لا يذكر السكان الأصليين؛ إذ تضم هذه الدولة 200 مواطن أكثر من نصفهم من السكان الأصليين.

وتقع الأرض في ولاية كوينزلاند وتمتد لمسافة 80 كيلومترًا في البحر، ورغم تقديم المعاهدة باليد إلى الحكومة الأسترالية عام 2017، فإن السكان لا يزالون بانتظار الرد.

من أين أتت الدول المجهرية؟ ولماذا؟

يعد أتلانتيوم ولادونيا اثنين من أكثر من 100 دولة مجهرية في جميع أنحاء العالم حاليًّا، لكن، وكما هو متوقع، لم يحدث أي اعتراف بهذه الدول الصغيرة من قبل الدول الأم القومية القائمة.

والسؤال: رغم أن كروكشانك وأمثاله يعلمون أن من المستحيل تقريبًا أن يحدث اعتراف بدولتهم هذه، فما الذي يدفعهم لفعل هذا الأمر؟

في الواقع، يسعى مؤسسو الدول المجهرية مثل كروكشانك إلى تحدي فكرة الدولة القومية من خلال إثبات مدى زيف وتكلف ما شيدوه.

إذ إن فكرة الدولة القومية ذات السيادة التي تتمتع بسلطة كاملة على مواطنيها داخل حدود محددة ليست سوى تطور حديث إلى حد ما في تاريخ البشر، وفي رأي هؤلاء، فإن فكرة الدولة القومية هي التي أدت إلى كل الأهوال التي عاشها البشر في القرن العشرين، من حربين عالميتين وأزمات وصراعات لا تنتهي.

والدولة القومية هي دولة ذات سيادة تُحكم باسم مجتمع من المواطنين الذين يعرفون أنفسهم على أنهم «أمة»، وتنبع شرعية حكم الدولة القومية على الإقليم وعلى السكان الذين يسكنونها من حق مجموعة قومية أساسية داخل الدولة، والتي قد تشمل جميع مواطنيها أو بعضهم فقط، في تقرير المصير.

يرى أعضاء المجموعة القومية الأساسية أن الدولة تنتمي إليهم، ويعدون المنطقة التقريبية للدولة وطنهم. وعليه، فإنهم يطالبون الجماعات الأخرى، داخل الدولة وخارجها، بالاعتراف بسيطرتهم على الدولة واحترامها.

وكنموذج سياسي، تدمج الدولة القومية مبدأين: مبدأ سيادة الدولة الذي يعترف بحق الدول في حكم أراضيها دون تدخل خارجي. ومبدأ السيادة القومية الذي يعترف بحق المجتمعات القومية في حكم نفسها. وتقوم السيادة القومية بدورها على المبدأ الأخلاقي الفلسفي للسيادة الشعبية، والذي بموجبه تنتمي الدول إلى شعوبها.

الجدير بالذكر أن المبدأ الأخير يشير إلى أن الحكم الشرعي لدولة ما يتطلب نوعًا من موافقة الشعب، لكن هذا المطلب لا يعني أن جميع الدول القومية ديمقراطية. فقد قدم العديد من الحكام الاستبداديين أنفسهم أمام العالم الخارجي للدول وداخليًّا أمام الشعوب الواقعة تحت حكمهم على أنهم يحكمون باسم دولة ذات سيادة.

وعلى الرغم من أن فرنسا بعد الثورة الفرنسية في أواخر القرن الثامن عشر، غالبًا ما يشار إليها على أنها الدولة القومية الأولى، فإن بعض العلماء يرون أن إنشاء الكومنولث الإنجليزي عام 1649 أول مثال على إنشاء الدولة القومية.

ومنذ أواخر القرن الثامن عشر، أصبحت الدولة القومية تدريجيًّا الأداة المهيمنة للحكم على المناطق الجغرافية، لتحل محل الأنظمة السياسية التي كانت تحكم من خلال مبادئ أخرى للشرعية مثل الأنظمة الملكية والدول الثيوقراطية والإمبراطوريات الاستعمارية.