اعتزال مسعود اوزيل والسبب هذه الصورة
اعتزال مسعود اوزيل والسبب هذه الصورة
اعتزال مسعود اوزيل لماذا ؟
ما إن التقط لاعب كرة القدم العالمي مسعود أوزيل صورة له مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حتى أصبح هدفا للانتقادات العنصرية، فقد سارع البعض بتحميله مسؤولية خروج “المانشافت” من مونديال روسيا 2018، فيما قال آخرون إنه لم يعد مرتاحا في ارتداء قميص المنتخب الألماني، ليخرج أوزيل عن صمته ويسدد هدفه الأخير في مرمى العنصرية معلنا اعتزاله اللعب دوليا.
أوزيل أصدر بيانا وضح فيه أسباب اعتزاله، ورد على كل منتقديه، فقد كتب في حسابه على تويتر: “بقلب مفعم بالأسى، وبعد الكثير من التفكير بسبب الأحداث الأخيرة، لن أعود لألعب على المستوى الدولي ما دمت أشعر بهذا العنصرية وعدم الاحترام تجاهي”.
وقال أوزيل إنه لن يكون بعد اليوم كبش فداء، رغم ما حققه للمنتخب الألماني منذ عام 2009 وارتدائه قميص ألمانيا وقتها بفخر وحماس، متخذا قرارا حاسما في ظل تحويله “بأنانية إلى دعاية سياسية”، على حد تعبيره، فقد ربط آراء راينهارد غريندل، رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم، ومواقفه تجاه التصريحات التي أدلى بها خلال فترة وجوده كعضو في البرلمان الألماني، وشخصيات عامة ألمانية أخرى، وقال إن هؤلاء “استخدموا صورته مع الرئيس أردوغان كفرصة للتعبير عن ميولهم العنصري.
أوزيل دافع عن قراره بالتقاط صورة مع الرئيس التركي ونفى أن تكون سياسية أو لها علاقة بولائه لمنتخب ألمانيا، فهي طبيعية جدا بالنسبة للاعب لا يخفى على أحد أصوله التركية، مشيرا إلى معاناته من سوء معاملة اتحاد الكرة الألماني، وغضبه الشديد من غريندل ومدرب المنتخب الألماني يواخيم لوف اللذان طلبا منه تقديم “بيان مشترك لإنهاء كل الحديث ووضع الأمور في نصابها”، ولم يتفهما تبريره الذي يراه منطقيا، واهتما بالحديث عن آرائه السياسية الخاصة واستخفا برأيه عن تراثه وجذوره.
الكيل بمكيالين
لم تقتصر الانتقادات التي وجهت إلى أوزيل عند ردة الفعل الجماهيرية واتحاد كرة القدم، بل تعداه الأمر إلى انتقادات لاذعة جاءت من اللاعب الألماني السابق لوتر ماتيوس قائد منتخب ألمانيا في 1990، الذي سبق وقام بأخذ صورة مع الرئيس الروسي بوتين، لكنه لم يواجه مثل هذه الانتقادات الحادة.
ماتيوس علق قائلا: “عندما أرى أوزيل داخل الملعب، أشعر دائمًا أنه غير مرتاح من ارتداء زي المنتخب الوطني، كأنه لا يريد المشاركة في المباراة من الأساس”.
أما لاعب بايرن ميونخ ومنتخب ألمانيا السابق، ماريو بازلر، انتقد أوزيل قائلا إن علامات “الضفدع الميت” قد ظهرت عليه، في إشارة إلى انعدام دوره في الفريق، وفقًا لما ذكرته صحيفة جارديان، فيما أكد ستيفان إيفنبرغ، قائد بايرن ميونيخ السابق، الذي خاض مونديال 1994 مع المانشافت، أن أوزيل ولاعب مانشستر سيتي الألماني تركي الأصل، إلكاي جون دوغان يجب أن يستبعدا من المنتخب، بعد لقائهما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في لندن، الأمر الذي أثار غضب الشارع الألماني.
من جهة أخرى، قام أشهر اللاعبين في العالم بتصرفات قوبلت باستنكار واستهجان كبيرين من قبل مشجعيهم، لكنهم لم يفصلوا من منتخباتهم ولم يواجهوا انتقادات رسمية من اتحاد كرة القدم في بلادهم، فقد سبق ونشر لاعب ريال مدريد، ماركو أسينسيو، صورته بجانب “قبة الصخرة ” في مدينة القدس، ووضع فوق الصورة علم إسرائيل مشيرا إلى أنه في زيارة إلى صرح ثقافي مميز.
وشارك اللاعب البرتغالي لريال مدريد، كريستيانو رونالدو، بحملة توعية أطلقتها منظمة “نجمة داود الحمراء” الإسرائيلية، تحث على ضرورة التبرع بالدم من أجل إنقاذ حياة المرضى والجرحى في إسرائيل، وتفاخر رونالدو بإعلان لشركة “هوت” الإسرائيلية وإعلان آخر لشركة إتصالات إسرائيلية، حيث غرد على حسابه في تويتر قائلا: ” هناك إشاعات أنني سأكون نجما في إسرائيل، ليس في كرة القدم، بل في إعلان هوت”.
وكان اللاعب الأرجنتيني لبرشلونة، ليونيل ميسي، قد تعاقد في ديسمبر/كانون أول الماضي، مع شركة إسرائيلية مختصة بالعملة الإلكترونية وأنظمة “Blockchain”، على أن يكون سفيرا لها حول العالم، وفقا لم نشرته الشركة التي تدعى “Sirin Labs” عبر صفحتها على تويتر. ونشر ميسي صورة عبر صفحته الرسمية على موقع إنستغرام وكتب فوقها “متحمس للتعرف على الـBlockchain وسعيد بالانضمام إلى شركة Sirin كشريك”.
إنجازات كبيرة
العنصرية الألمانية ظهرت جليا في التعامل مع مسعود أوزيل الذي ساهم بشكل كبير في تتويج المنتخب الألماني بمونديال 2014 وكان من أبرز اللاعبين في تلك البطولة، وتُوج بكأس الاتحاد الانجليزي (2013/ 2014) مع فريق أرسنال، وكانت الصحافة البريطانية قد أثنت كثيرا عليه ووصفته بأنه واحد من أفضل اللاعبين في فريق “المدفعجية” وهو لقب فريق أرسنال.
وقد شهد الدوري الإسباني على تألق أوزيل عام 2011/ 2012 وكأس ملك إسبانيا 2010/ 2011 مع ريال مدريد، وتوج أيضا مع الفريق الملكي بكأس السوبر الإسبانية عام 2012، في الوقت الذي حصل فيه على جوائز لخمس مرات كأفضل لاعب ألماني، واختير خلال الموسم الكروي 2011/ 2012 كأحسن ممرر في أوروبا، وأحرز الكثير من الانجازات للمنتخب الألماني.
الموقف التركي يدعم أوزيل
عائلة أوزيل اعتبرت أن صورة ابنها مع الرئيس التركي لم تكن تحمل أي دوافع سياسية وأنها كانت بشكل ودّي ومهذب، حيث قال والده:” ابني يلعب مع المنتخب الألماني منذ تسع سنوات، وقد قدّم الكثير من أجل هذا البلد، ولكن عندما نفوز فهو فوزنا جميعا وعندما نخسر فإننا خسرنا بسبب مسعود أوزيل وحده، إنهم يعلنون ابني كبش فداء وإن كنت أنا مكانه سوف أقول لهم يكفي إلى هذا الحد وأنا أشكركم كثيرًا وسوف انسحب واعتزل اللعب دوليًا مع هذا المنتخب”
ولم يختلف الموقف التركي الرسمي كثيرا، فقد هنأ وزير العدل التركي، عبد الحميد غُل، أوزيل على إعلانه اعتزال اللعب مع المنتخب الألماني، معتبرًا هذه الخطوة “أجمل هدف” يسجله اللاعب ذو الأصول التركية “في مرمى الفاشية”.
وقال الوزير في تغريدة نشرها في حسابه على موقع تويتر: “أهنئ مسعود أوزيل الذي سجّل أجمل هدف في مرمى فيروس الفاشية عبر اعتزاله اللعب مع المنتخب الألماني لكرة القدم”.
وتصدر مسعود أوزيل الترند التركي والعالمي على تويتر في تركيا فور انتشار بيان اعتزاله اللعب الدولي، حيث كتب المتحدث الرسمي باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن في تغريدة على تويتر قائلا: “لاعب كرة القدم البارع مسعود أوزيل يقدم تفسيراً وشرحاً معقولاً للقائه بأردوغان، لكن تخيلوا الضغط الذي شعر به يجعله مضطراً لأن يصدر بياناً كهذا، للأسف على أولئك الذين يدّعون أنهم متعددو الثقافات ومتسامحون”.
اعتزال مسع
وقال الناطق باسم حزب العدالة والتنمية ماهر أونال إن ما تعرض له أوزيل يظهر حجم العنصرية والكراهية التي وصلت إليها أوروبا، فيما رأت فاطمة شاهين، رئيسة بلدية غازي عنتاب، في تغريدة لها أن ما قاله أوزيل «عندما أفوز أنا ألماني، وعندما أخسر أصبح مهاجراً» هو المعنى الحقيقي للكيل بمكيالين حسب وصفها، مشيرة إلى أن ردة فعل أوزيل هذه ربما تجعلهم في مواجهة مع أنفسهم لما يمارسونه من الإسلاموفوبيا.