متحدث الرئاسة التركية : الهجوم على إدلب يقوض مساري جنيف وأستانة
متحدث الرئاسة التركية : الهجوم على إدلب يقوض مساري جنيف وأستانة
قال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، إن أي هجوم على محافظة إدلب السورية، لن يجلب سوى القتل والدمار، وسيقوض كافة الجهود السياسية سواء في جنيف أو في أستانة، وهذا سيكون انتصارًا غير أخلاقي لنظام الأسد.
جاء ذلك في مقال للمتحدث الرئاسي نشرته صحيفة “ديلي صباح” التركية الناطقة بالانكليزية، الجمعة، تحت عنوان “معضلة إدلب: اختبار آخر للنظام الدولي”.
وأشار قالن إلى أن الحرب السورية تستمر في عامها السابع بإحداث الفوضى والمآسي الإنسانية والاضطرابات السياسية.
وبيّن أن الصراعات السياسية والعسكرية المستمرة سوف تفاقم الأزمة الراهنة أكثر إذا لم يتم التوصل إلى حل سياسي راسخ ومستدام.
وأكّد قالن أن التطورات الأخيرة في إدلب ومحيطها، ستجعل الوضع أكثر سوءا بدلًا من تحسينه.
ولفت إلى أن هذه الحرب التي باتت مسألة تتجاوز سوريا، لن تعود بأي فائدة على الشعب السوري.
وأضاف: “إننا نشهد حرب وصاية تجري بين القوى العالمية والإقليمية، والأسلحة ليست المسبب الوحيد لهذه الوحشية الناجمة عن الرغبة في كسب المزيد من القوة والنفوذ والدوافع الجشعة”.
[ads1]
وشدّد على أنه لو كانت الأطراف تمتلك موقفًا مختلفًا، لكان بالإمكان قبل فترة طويلة إيجاد حل يقوم على الحكمة والفضيلة والرحمة.
كما أشار إلى أن معظم دول العالم أدارت ظهرها للشعب السوري الذي لم تتجاوز التعهدات بدعمه الأقوال، وأن الجهات الفاعلة الرئيسية لم تفعل أي شيء أو اكتفت بأشياء قليلة جدًا من أجل وقف الحرب.
قالن أوضح أن الجميع اكتفى بمشاهدة الشعب السوري الذي بقي عالقًا بين وحشي الحرب التوأمين، وهما نظام الأسد الوحشي الذي قتل المئات من شعبه، والمجموعات الإرهابية المختلفة مثل “داعش”، و”ب ي د- ي ب ك” التابع لـ”بي كا كا”، وهي تتحمل أيضًا مسؤولية القتل والدمار هناك.
وقال إن مساري جنيف وأستانة حتى وإن أثمرا عن بعض النتائج، إلا أنهما لم يتمكنا من وقف الدم النازف.
وأكّد أن أمريكا استخدمت “داعش” من أجل شرعنة وجودها، شمال شرقي سوريا، وهي تبحث رغم زوال تهديد هذا التنظيم إلى حد كبير، عن وسائل لإضفاء الشرعية على علاقاتها مع “بي كا كا” في سوريا منتهكة بذلك الشراكة الاستراتيجية مع تركيا.
وأفاد بأن الولايات المتحدة لا تنصت إلى دعوات تركيا بشأن وقف هذه العلاقة المشبوهة مع “بي كا كا”.
كما أشار إلى استخدم النظام السوري وداعميه إيران وروسيا أيضًا لـ”وحش داعش” من أجل تبرير مساعيهم الرامية إلى رسم خريطة جديدة في “بلاد الشام”.
ورأى أن جميع هذه العناصر أدت إلى القضاء على مجموعات المعارضة السورية المعتدلة أو إلى إضعافها على الصعيدين السياسي والعسكري.
وبحسب قالن، فإن إدلب بقيت كآخر معقل لقوات المعارضة السورية، وأي هجوم على هذه المحافظة التي يقطنها 3.5 ملايين شخص، سيؤدي إلى كارثة إنسانية كبيرة.
ومضى يقول: “هذا الأمر سيثير موجة نزوح جديدة باتجاه تركيا، ومن هنا إلى أوروبا وأماكن أخرى”.
وأضاف: “أي هجوم على إدلب لن يجلب سوى القتل والدمار، وسيقوض كافة الجهود السياسية سواء في جنيف أو في أستانة، وهذا سيكون انتصارًا غير أخلاقي لنظام الأسد، وبذلك سيظهر مجددًا بأن السبيل الوحيد للحصول على كل ما تريد في سوريا هو استخدام قوة عشوائية ووحشية”.
وشدّد على أن هذا الأمر لا يمكن أن يكون طريق الحل للصراع في سوريا.
وأشار قالن إلى أن جهود العالم في حل المعضلة بإدلب ومحيطها، ضئيلة جدًا، قائلا إنه “لا يمكن التوصل إلى نتيجة عبر تصريحات من قبيل؛ التحذير أو الغضب أو القلق”.
وأكد على أن “التهديد بمهاجمة نظام الأسد في حال استخدم أسلحة كيميائية لا معنى له لسببين، الأول هو أن النظام استخدم سابقا أسلحة كيميائية ولم يتم فعل أي شيئ للقضاء على ترسانته في هذا المجال، والهجمات الشكلية المحدودة التي شُنّت لا تفيد بأي معنى”.
وتابع: “الثاني، فإن ربط الأمر باستخدام الأسلحة الكيميائية، هو وسيلة أخرى للقول بأن النظام يمكنه مواصلة المجازر عبر الأسلحة التقليدية، وهذه مفارقة مخجلة للحرب السورية. النظام قتل عبر الأسلحة التقليدية أناسا أكثر، إلى جانب استخدامه للأسلحة الكيميائية، ولا يزال يسند ظهره إلى هذين التهديدين”.
وأوضح قالن أن إنهاء الحرب لا يشكل أولوية بالنسبة لأوروبا، وأن الأخيرة لم تقدم جهودا أو تتقدم بمقترح يذكر في هذا الخصوص إلى الآن.
واعتبر أن القلق الرئيسي للدول الأوروبية هو مواجهة موجة جديدة من الهجرة كما حدث في 2015 و2016، مبينا أن أوروبا تقف إلى جانب تركيا فيما يخص الهجرة.
[ads2]
وشدد على أنه “لا يمكن لأي دولة بما فيها تركيا أن تتحمل بمفردها أعباء وقف الاشتباكات العسكرية والتوصل إلى حل سياسي والدفاع عن اللاجئين”.
ودعا متحدث الرئاسة الدول الأوروبية إلى التقدم خطوة إضافية وتحمل المسؤولية في هذا الخصوص.
ونوه قالن بأن الدول الضامنة؛ تركيا وروسيا وإيران، شكلت في إدلب نقاط مراقبة وأن بلاده لديها 12 نقطة مراقبة هناك، مشددا على أن وجود الجنود الأتراك في المحافظة السورية المذكورة ضمان لمنع أي هجوم محتمل عليها.
واستطرد بالقول: “لأن الطائرات الحربية الروسية والقوات البرية للنظام لا يمكن أن تجازف بشن هجوم مع وجود الجنود الأتراك هناك (نعلم أنهم لا يهتمون بالمدنيين ولا قوات المعارضة المعتدلة). أي هجوم سيستهدف إدلب بذريعة القضاء على المجموعات الإرهابية سيعطل عملية أستانة”.
وشدد على أن تركيا قامت بما في وسعها لمنع حدوث مأساة إنسانية جديدة في سوريا، وأنها ستواصل جهودها دون كلل في هذا الصدد.
وأكد أنه ينبغي على آلية الدعم الدولية الانتقال إلى ما هو أبعد من تصريحات القلق أو مصطلح الغضب الذي استخدمه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تغريدته، والميل إلى عمل ملموس يضم حلولا سواء في المجال السياسي أو فيما يخص اللاجئين.
واعتبر أن “إدلب أمامنا كالقنبلة الموقوتة. في حال أخذ المجتمع الدولي الحرب في سوريا على محمل الجد وأنه يهتم بالشعب السوري، فإننا نستطيع تعطيل هذه القنلبة الموقوتة والانتقال إلى مرحلة جديدة”.