لأول مرة روسيا تهـ ـدد نظـ ـام الأسد وتسـ ـخر من انتخاباته وخطابه
لأول مرة روسيا تهـ ـدد نظـ ـام الأسد وتسـ ـخر من انتخاباته وخطابه
وجهت روسيا رسالة تهـ ـديداً مبطناً لرأس النظام بشار الأسد وسخرت من خطاب “القسم” الأخير وانتخاباته المـ ـزورة على لسان الدبلوماسي السابق والمستشار لدى الخارجية الروسية رامي الشاعر.
ونشرت قناة روسيا اليوم الحكومية عبر موقعها الإلكتروني مقالا مطولاً كتبه رامي الشاعر في صحيفة ” زافترا” الروسية شـ ـن خلاله هجـ ـوماً لاذ عاً على بشار الأسد وخطاب القسم تحت عنوان “انزلاق دمشق نحو الأوهام يبدأ بخطوة واحدة ؟”
خطاب الشاورما
وخلال المقال هـ ـاجم الشاعر خطاب رأس النظام الأخير وقال إن “الأوضاع على الأرض السورية للأسف، ليست تماما بالصورة مثلما تبدو في فيديو بشار الأسد، بينما يتجول بين مواطنيه، ويتناول “الشاورما”.
مشيراً إلى أن “الحديث اليوم عن بعض مكونات الشعب السوري بوصفهم عـ ـملاء أو خـ ـونة، والتعامل مع بعض فئات المعارضة بوصفهم أعـ ـداء للشعب والوطن لا يخدم القضية السورية، ويؤدي إلى تفاقم الوضع الهش بالأساس”.
وعلى غير المتوقع اعتبر الشاعر أن حل “الكارثة الإنسانية السورية” يبدأ بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، ولا سبيل لحل الأزمة سواه.
وقال إن “السلطات في دمشق تتجاهل بلغة الخطاب التي تتبناها العامل السوري في عجـ ـزها عن فـ ـرض سلطتها شمال شرق وشمال غرب سوريا والقضية لا تتعلق فقط بالتواجد والدعـ ـم العسكري الأمريكي أو التركي.
فحتى بعد انسحاب الأمريكيين والأتراك من الأراضي السورية، فليس مضموناً أن تتمكن السلطة المركزية في دمشق من بسط سيطـ ـرتها على هذه المناطق دون حدوث تسوية على أساس قرار مجلس الأمن المذكور، وبمشاركة جميع السوريين المعنيين”.
وعاد الشاعر ليهـ ـاجم بشار الأسد بالقول إن الأخير “لا يلتفت إلى المسار الذي تجاوزته سوريا لا بفضل الأصدقاء وحدهم، روسيا وإيران والصين، ولكن أيضاً بفضل الجهود الدبلوماسية والسياسية مع “العـ ـدو الغـ ـادر” تركيا، والتي تكللت جميعاً من خلال مسار أستانا بوقف لإطـ ـلاق النـ ـار ومناطق التهدئة والشروع في أعمال اللجنة الدستورية المصغرة التي تصر قيادات دمشق على تحويلها إلى منصات للتنظير في أصول المفاهيم ومعاني الكلمات”.
وذكّر الشاعر بشار الأسد بعبارة “سوريا المفيدة” التي أطـ ـلقها فيما مضى وعبّر خلالها عن استعداده التخلي عن أجزاء من سوريا قبيل تدخل روسيا، مضيفاً أن بشار الأسد يتحدث في خطابه الأخير عن سوريا وكأنه في العام 2011، وكأن شيئاً لم يحدث على هذه الأرض التي تخضّـ ـبت بد ماء مئات الآلاف من أبنائها.
السـ ـخرية من مفاهيم بشار الأسد
وسـ ـخر من مفهوم بشار الأسد للأغلبية التي حققها بانتخاباته المزورة، وقال إن الأخير لم ينتبه إلى وجود “شعب” آخر خارج البلاد، و”شعب” غيرهم داخل البلاد تحت حماية قوى أجنبية.
وهم أيضاً مواطنون سوريون يخـ ـشون بطـ ـش القيادة وغير أولئك وهؤلاء، “شعب” ثالث ورابع لا يشاطر السلطة الراهنة رؤيتها السياسية في مستقبل البلاد، بل ويرغب في تغيير هذه السلطة بالطرق السياسية السلمية المشروعة.
والتي نص عليها قرار مجلس الأمن رقم 2254، إلا أن السلطة تصرّ على تجاهل ذلك وتطل علينا بنفس ثوب 2011 في انتظار نتائج جديدة؟
وقال: “لعل من اللحظات الأكثر إهانة للشعب أي شعب بالمناسبة وليس الشعب السوري تحديداً، أن يوصف بأنه قد “تم التغرير به”، وكأنه طفل ساذج ضحل الثقافة أو جاهل، يحتاج إلى “أب” حنون عاقل يقوم برعايته وإرشاده”.
مضيفاً أنه وبين صفوف وأطياف وأعراق هذا الشعب العظيم، وبين جنبات معارضته يوجد الكتّاب والمثقفون والفنانون والسياسيون وأساتذة الجامعات، لا جـ ـريمة ولا ذنب لهم سوى أنهم يعترضون على رؤية بشار الأسد ومن معه ويرون للوطن مساراً آخر يسعون إليه ومن ورائهم ملايين آخرون من المغرر بهم…
فهل يجوز توصيف الحالة السورية وطموحات شـ ـق كبير من الشعب بالتغيير والانتقال إلى نظام حكم جديد بـ “الضلال” و”الخيانة” و”العمالة”.
ولوّح إلى إمكانية تخلي روسيا عن رأس النظام وتطبيق القرار الأممي 2254، وقال إن تجاهل بشار الأسد للجنة الدستورية بل ومهـ ـاجمته لها في بعض مواقع الخطاب، يتعارض لا مع إرادة غالبية الشعب السوري فحسب.
وإنما كذلك مع إرادة المجتمع الدولي في دعم حق الشعب السوري في حرية تقرير مصيره واختيار نظام حكمه استناداً إلى تعديل دستوري وفقاً للقرار الأممي الذي تؤيده روسيا وتسعى إليه تطبيقه.
وانتقد الشاعر كذلك في مقاله المطول تصريحات الموالين التي روجت إلى مقدرة الصين تجاوز العقوبات المفروضة على نظام أسد خلافاً لروسيا.
وقال إن زيارة وزير الخارجية الصيني وانغ يي، الأخيرة إلى دمشق جاءت في إطار جولة إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وكانت مقررة مسبقاً، ولا يوجد أي رمزية في تزامنها مع أداء بشار الأسد للقسم الدستوري بمعنى أنها ليست بمثابة “مباركة صينية”.
توجه مثير للشفقة
وأضاف أن الصين،شأنها في ذلك شأن روسيا، تتبنى قرار مجلس الأمن بوصفها أحد الأعضاء الدائمين بالمجلس، ولا تعني تصريحاتها بأي حال من الأحوال تغييراً في خريطة التوازنات السياسية بشأن سوريا.
كما لا تعني التصريحات بـ “تسريع عملية إعادة إعمار البنية التحتية والاقتصاد في البلاد”، بأن معدات الحفر والإنشاء الصينية سوف تهرع من فورها إلى المدن السورية المدمّرة للبدء فوراً بعملية إعادة الإعمار.
وتابع: “لهذا تبدو التوجهات الساذجة أو ربما المغرضة لأهداف سياسية أو شخصية باستبدال روسيا بالصين، بعدما “عجزت” روسيا عن مساعدة ودعم الشعب السوري “بما فيه الكفاية”.
بل ونزع بعض اللافتات المعبّرة عن الصداقة والتعاون بين الشعبين الروسي والسوري في الشوارع السورية، واستبدالها بلافتات صينية، يبدو ذلك كله توجهاً سياسياً مثيراً للشفقة، ناهيك عن كونه خـ ـداعاً شعبوياً واضحاً، لن يغير من الأوضاع المـ ـأسـ ـاوية على الأرض قيد أنملة.